مذكرات

(3) محاولاتي الفاشلة في الشعر .. أحمد سيف حاشد

مذكراتي .. من تفاصيل حياتي ..

(3)

محاولاتي الفاشلة في الشعر

أحمد سيف حاشد

برلماني يمني:

فشلي في كتابة القصة القصيرة، كان يعني أن لا أبقى مراوحا في نفس المكان، بل يجب أن أغادره إلى مكان آخر، أو أغير المسار الذي أنا فيه، أو أبحث عن مرسى آخر أكثر ملائمة، والمثل الإنجليزي يقول: “لن تستطيع اكتشاف محيطات جديدة إذا لم تكن لديك الجرأة لمغادرة الشاطئ” يجب أن أغير وجهتي، والفشل كما يقول المحاضر في التنمية البشرية “زيغ زيغلر”: “هو منعطف توجيه إجباري، وليس نهاية طريق مسدود.” أو بتعبير الكاتب والإعلامي السعودي أحمد مازن الشقيري: “لا يعني أنك فاشل ، بل يعني أنك لم تنجح بعد.” ربما جميعهم محقّون فيما ذهبوا إليه.

 

حاولتُ أطرق باب الشعر، أو لعلي أجده مفتوحا ومرحبا بي.. ولكن تقاطيع العروض صعبة ومرهقة.. هذا ما كشفته لي تجربتي معه في المرحلة الثانوية.. بيني وبين الشعر ستة عشر بحرا وليس لي فيها ساقية!!

 

لماذا اسموها بحور وفيها أيضا اسم المديد والطويل، وهي في الحقيقة قيود وموانع وكوابح تضيق بي، وأنا أضيق بها حتى ينقطع النفس.. كيف أبحر فيها وأنا دون قارب أو مجاذيف!! كيف أبدأ رحلتي مع الشعر الذي يطربني، وأستحسن سماعه، ولا احسن ابداعه أو كتابته!!

 

كيف لرحلتي أن تمضي في الشعر، وأنا لا زاد ولا ماء ولا راحلة.. درست العروض في الثانوية واستصعبتها، ولا أظن أن يوما سيأتي وقد لانت معي، ومن أين ستلين؟! لا أظنها تلين وأنا أشعر بتصحر واسع في الذاكرة..

 

الشعر العمودي المقفى والموزون فوق ضوابطه الفنية الكثيرة يحتاج إلى حافظة من حديد، وثراء لغوي كبير، لا يفقد فيها الشاعر حيلته، وهما غير متوفرين لدي، ثم أنا أتوق إلى فضاءات واسعة من الحرية، وكثرة الضوابط والمعايير تصيبني بالخبل.. ولكن هناك الشعر الحر، وهو متحرر من القيود الكثيرة التي يفرضها الشعر العمودي، ومع ذلك أنا لا اتذوق هذا الشعر، ولا استحسنه، ولا أميل إليه.. هكذا كنت أحدث نفسي، ثم اقنعها بالمحاولة التي استحضر فيها الايقاع الموسيقي، وأتجاوز القافية دون ابتذال أو اسراف.. لا بأس من المحاولة..

 

شرعت فيما انتويت، وكانت أول محاولة طويلة نسبيا، أخترت لها عنوان “بلقيس” وتعني اليمن.. ارسلتها إلى صحيفة 14 اكتوبر، فنشرت مقتطف منها في 24/5/1985 وكان مستهلها:

بلقيس وجه قسمته

أخاديد الحدود

وغضنته

عثرات واسفار

واقتات الغازي

من حشاشته

أطباقا

وأحتسى من نظارتها

أقداح واقدار

***

مدنفون في هواها

والهوى جحيم

فلتكن أفئدتنا

للجحيم ديار

 

كتبت محاولة شعرية أخرى مهداه إلى المهرجان العالمي للشبيبة الــ12 المنعقد في موسكو نشرت كاملة في 14 اكتوبر بتاريخ 26/7/1985تحت عنوان “إلى الشبيبة” وسبق أن نشرتها صحيفة الراية بتاريخ 9/6/1985 تحت عنوان “بشائر أحلامنا الخضراء” جاء في مطلعها:

مرحى بعيدكم .. عيد تتوجه

شموس في سماء الغد

تعلو وتبتسم

شباب من عموم الأرض

اتحدت روافدهم

من أجل افاق

تصبو لها الأمم

شباب بالعزم تفتل سواعدهم

وفي حصون العلم تُحمى وتعتصم

وفي 2/7/1985 كتبت قصيدة لرندة التي أحببتها لسنوات طوال، وهي لم تحبنِ، لأنها ببساطة لا تعلم بحبي لها، واستهللت المحاولة:

لقد أشعلت يا رنده

عمري في مدى عينيك

وجولت في الآفاق

تواقا إلى الآتي

أرسلتها لصحيفة 14 اكتوبر وصحيفة الراية للنشر، ولكن لم يتم النشر لا في هذه ولا في تلك.. فعزيت نفسي مفترضا موت “رندة” التي أحببتها بمحاولة شعرية عمودية كتبتها في 30/4/1985م جاء في مطلعها:

في هواك انفق العمر وفاء فكيف اليوم ينقطع الرجاء

فليس الصبر قد صار نعيم وليس البين قد صار لقاء

فأن الصبر قد صار جحيم وإن البين قد صار شقاء

هي الأخرى لم يتم نشرها..

كتبت محاولة جديدة تحت عنوان “صنعاء أمي الثكلى مستهلا بهذه الأبيات:

صنعاء تعاني وتقاسي

من ثالوث النفق المظلم

تقتات لسعات السوط

وتتجرّع أقداح العلقم

هي أيضا لم تجد طريقها للنشر..

محاولات شعرية عديدة جلها لم ينشر، القليل الذي نشر كان لا يخرج عن صفحة القراء، وبعضها تم نشر مقاطع صغيرة منها، وكثير من انتظار النشر كان عبث أو مجرد سراب.. أحسست إن الشعر عصي عليّ أكثر من محاولاتي في كتابة القصة، وعرفت أنني لست موهوبا فيه ولا آهلا له، ولا تتوفر لدي الموهبة حتى في حدودها الأدنى.. اقتنعت أنه لا يمكن أن أكون يوما بشاعر، رغم أنني كنت أطمح أن أكون كذلك، ولكن (ليس كل ما يطلبه المرء يدركه) فكفّيت عن المحاولة..

ورغم أنني ألقيت في أكثر من مناسبة شيئا من تلك القصائد، وشعرت أنها تحظى ببعض القبول عند السامعين لها، ولكن كنت أدرك في نفس الوقت أن تلك المحاولات هي مخرجات مجهود، لا مخرجات موهوب..

أدركني اليأس، وأصابتني الخيبة في محاولاتي الشعرية، ولكنها كانت الحقيقة المُرّة.. أنني لست موهوبا ولن أكون، والشعر أكثر ما يحتاجه في المقام الأول هو الموهبة، إنها ليست متوفرة لدي، ولن تتوفر أيضا.. وبت على قناعة أكبر أن ليس لي في الشعر فرس ولا ميدان..

 

***

يتبع..

 

موقع يمنات الاخباري

موقع برلماني يمني

صفحة أحمد سيف حاشد على تويتر

صفحة أحمد سيف حاشد على تويتر 2

حساب أحمد سيف حاشد على الفيسبوك

صفحة أحمد سيف حاشد على الفيسبوك

قناة أحمد سيف حاشد على التليجرام

مجموعة أحمد سيف حاشد على التليجرام

أحمد سيف حاشد هاشم

“Yemenat” news site

MP Ahmed Seif Hashed’s websit

Ahmed Seif Hashed “Twitter”

Ahmed Seif Hashed “Twitter”

Ahmed Seif Hashed “Facebook”

Ahmed Seif Hashed’s Facebook page

Ahmed Seif Hashed

Ahmed Seif Hashed channel on telegram

Ahmed Seif Hashed group on telegram

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى