أحمد سيف حاشد
من تفاصيل حياتي
أهدي ما كتبت إلى المتعبين المكدودين التواقين للحرية..
والمنتمين للمستقبل الذي نروم..
استهلال وبداية
ما دفعني أن أكتب “بعض من تفاصيل حياتي” هي محاولة واطلالة على عهد عشناه بعسره ويسره.. بآماله وخيباته.. بفسحه وضيفه.. بتجاربه المتنوعة ومساراته المتعرجة، محاولين العبور إلى مستقبل ننشده، في واقع شديد الصعوبة والتعقيد، ومجتمع يئد العقل، ويقمع السؤال.. يتوق إلى الماضي ويعشق دجاه..
سبحنا عكس التيار.. أبحرنا في وجه الريح.. عشنا الصمود والتحدّي.. لم نيأس ولم نكف عن الأمل.. حاولنا إشعال النور في محيط يكتظ بالظلام الكثيف.. أشعلنا أعمارنا في محاولة لإزاحة بعض من هذا الظلام الذي يلبّد الحياة بسواده الحالك والمُحتشد..
بذلنا كثير من الجهد الكديد لزحزحة واقع أكبر من قدر.. أصبنا هنا وأخطأنا هناك.. فليتعظ من يأتي بعدنا.. يستفيد مما أصبنا، ويتعلم مما وقعنا فيه من أخطاء وخطايا، بعضها ساهم فيها عاثر الحظ ومنقلب القدر.
في معتركنا حاولنا الثبات في وجه ارتدادات وانكسارات الزمن.. تمرّدنا على رتابة المألوف وما يثقل الحياة من سأم وملل.. انتمينا للمستقبل وعشقناه بولع جموح.. رفضنا الظلم وتمردنا عليه.. قاومنا القهر ورفضنا الإذعان له..
قاومنا وتمردنا على كل السلطات التي أرادت تدجيننا وإخضاعنا في قطعانها، حتّى صيّرنا المستحيل ممكنا بعد اعتراك واستماته.. وإن ناخ علينا واقع كنّا عليه مرغمين، وقدر كان أكبر منّا فرض علينا شروطه ومشيئته، ومنع علينا كل حيلة واختيار، إلا إننا لم نستسلم، ولم نكف عن الحلم والمحاولة، والبحث عن المستقبل دون كلل أو ملل، رغم أثقال اليأس، و وطأة المحبطات..
وفي المقام نفسه ندعو ونحث من بعدنا أن يكونوا أفضل منّا في صناعة ومراكمة الوعي، وإصرارا على المحاولة والنجاح، وأكثر قدرة على تغيير الواقع مهما كانت وطأته، وتحويل ما أمكن من المستحيل إلى ممكن.. وحثهم أن يكونوا أكثر منّا استحقاقا للحياة والكرامة والإنسانية..
ونقول للبسطاء المكدودين ومن يسحقهم القهر لا تستلموا.. تمردوا وثوروا ما استطعتم على واقعكم الثقيل، وحاولوا كسر القيود التي تكبل أقدامكم، والسلطات التي تكتم بوحكم، وتغل الألسنة.. قاوموا ما استطعتم صنوف القهر والإذلال والإرغام الذي يُمارس عليكم، وأكثر منه إن تأتّى أو قدرتم عليه..
قاوموا من يريدكم أن تكونوا قطعانا داجنة، أو بشر منقادين ومستكينين ومستلبين الوعي والإرادة والفعل.. أمواتا مُستلبين الإنسانية والضمير.. مقموعين وممنوعين من ممارسة حق الشك والسؤال والمعرفة.. ابحثوا عن الحرية والمستقبل والحياة التي تليق بكم كأحرار ميامين، جديرين بالحياة والحب والكرامة والعدالة..
قولوا لمن أعتاش يوما على دمكم، وسرق حقوقكم وصادر أحلامكم: التاريخ نحن لا أنتم.. في التاريخ أنتم مجرد طغاة وقتلة ونهابة ولصوص مروا من هنا بلا مجد ولا كرامة..!!
قولوا لهم: أنتم مجرد طغاة وفاسدون تستقرون في نهاية المطاف في مزابل التاريخ المنتنة، وقيعانها السحيقة، ملعونين الذكر في كل حين، فيما نحن البسطاء المكدودين نستحق الحياة والكرامة والمجد كلّه.. نحن من نبني وأنتم من تهدمون.. أنتم الخراب كله..
لا بأس من بعض نرجسية وشموخ أمام خواء وادعاءات كل النرجسيين وحملة مباخرهم ووعّاظهم، الذين يدجنون العقل ويسممون الوعي، ويزيفون التاريخ، ويعتقلون المستقبل ويغتالون الحياة.. الذين يسفكون الدم، ويعممون الموت، ويعيثون في الأرض فسادا وانحطاطا وسقوطا، ودموية..
ما كتبته في هذا الجزء حرصتُ على جوهره ومضمونه العام، أما بخصوص الوقائع وما أكثرها فقد حاولت أتذكر ما استطعت تذكره، وأهملت بعض الوقائع تاركا إياها للذاكرة التلقائية، أو لعلني أذكرُها في مناسبات أخرى قادمة في موضع من الجزء الذي يليه أو ما بعده، دون أن أنسى في المقابل بين الحين والأخر أن أمرق بمناسبات أخرى، وبحضور أشد إلى الحاضر الراهن أو القريب منه، حتى لا أبقى مأسورا في الماضي وأحاديته..
أنتقل إلى الحاضر أو ما قرب منه بحسب الدواعي ورابط الصلة، وأهمية الاستحضار فيما أكون بصدده.. وفي بعض الوقائع العصية على استذكار تفاصيلها، حاولتُ أن أجد مقاربة للممكن وللواقع الذي عاشته..
وهذا الجزء ما هو إلا بداية لمشروع ربما يكبر ويتسع في المستقبل بحسب دواعي مقتضى الحاجة والحال، ودواعي الأهمية، وما يتسع لي من الوقت والعمر، أو ما بقي منه..
حاولت نشر جل ما كتبته في وسائل التواصل الاجتماعي قبل نشره في كتاب، ربما لأصل إلى المقاربة التي أبحث عنها، وإعادة تقيم ومراجعة ما تم نشره مرتين وثلاث، على أمل أن يأتي هذا الكتاب بأخطاء أقل، ربما ليتم تصحيحها أو جلّها، وإغناءها بالمزيد من الدراسة والمراجعة والتحليل في طبعة لاحقة..
***
يتبع..
صفحة احمد سيف حاشد على تويتر 2
حساب احمد سيف حاشد على الفيسبوك
صفحة احمد سيف حاشد على الفيسبوك