مذكرات

المبدأ أولاً ثم النجاح والإنجاز

برلماني يمني

أحمد سيف حاشد

ابذل كل جهدك لتنجح، ولكن هناك ما هو أهم من النجاح ومحل أولوية.. إنه المبدأ أو القيمة التي تؤمن بها، وتحدد ماهية هذا النجاح ومعياره خيراً أم شراً.. الخير المؤدي إلى الفضيلة ومواجهة الشرور، وإرساء قيم العدلة، وخدمة المجتمعات والإنسانية.. القيمة التي يجب أن تكون لها الأولوية القصوى، والاعتبار الأهم، والمحدد الأساس، وربما أكثر، أو كما قال ألبرت أينشتاين: “لا تكافح من أجل النجاح بل كافح من أجل القيمة”.

من لا يفهمك اليوم احرص أن يفهمك في الآتي غدا أو بعد غد.. انحاز للإنسانية والعدالة.. للخير والفضيلة.. تابع خطاك نحو الحلم الأجمل والمستقبل المنشود حتى وإن لم تصل سيأتي يوما من يكمل المشوار بعدك، أو يواصل ما بدأت.. المهم لا تغادر ولا تنقطع وأن تكون مستريح الضمير، وتكون القيمة التي تمسكت بها لتنجح تستحق التضحية.. كن نزيها وفاعلا ونمّي رصيد ثقة الناس بك، ونمّي ما هو إيجابي لديك.

عندما تحس وتشعر أنك مؤهلاً لتحمل القيمة والمبدأ والبوصلة والضمير القلق، تحمل المسؤولية، واستشعر من تلقاء نفسك بجسامتها، وبالمهام الملقاة على عاتقك، ثم اسعى وانتمي للنجاح والإنجاز قدر الاستطاعة، وأكثر إن أمكن بكلفة أقل.. تتطلع إلى تحقيق التفوق والتميّز وإحراز القدر الأكبر من النتائج.

إن كنتَ ضمن الفريق وساد الامتلاء وروح الفريق في الطاقم القيادي التنفيذي الأول، وخلقت ظروف وشروط النجاح، ومنها ما راكمته من ثقة الناس بك، ومصداقية ما تقول، وهيأت ما لزم من مال وإعلام تكون قد خلقت للفرص المتاحة ظروف النجاح والأمان، وسرت في الطريق الصحيح نحو ما أردت من نجاح وإنجاز وتميّز.

*** 

كان محمد عبد الرب ناجي المسؤول المالي في اللجنة التحضرية، ثم رئيساً للجمعية الخيرية بعد التأسيس، وفي نفس الوقت كان مديراً إدارياً لشركة “تيلمن”.. عملي جداً وإداري بامتياز يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ترقّى من موظف بالبريد درجة درجة في السلّم الوظيفي والإداري إلى أن وصل بجداره إلى أن يكون مديراً إدارياً في شركة تليمن.. لم يتلوث بالسياسة الرديئة.. رجل تكنقراط من الطراز الرفيع.

ناجي كان لديه رصيداً متراكماً من ثقة الناس به، ولديه علاقات جيده بأصحاب المال والأعمال والوجهاء، فضلاً عن كونه ذو نشاط متحفز، وحيوية متجددة، وقدرة فذة على الإدارة، والحضور الفاعل والمتابع، والعطاء المستمر.

ناجي، ومحمد سعد القباطي ـ وهذا الأخير كان وزيراً وسفيراً سابقاً، تم اختياره رئيسا للجنة التحضرية، وبعد التأسيس تم اختياره رئيساً لمجلس الوجهاءـ والاثنان كانا يسود بينهما كثير من الود والاحترام والتفاهم الذي يذلل بعض العقبات التي كانت تعترض المسار..

المحمدان كانا ثنائي رائع ومنسجم، أسهما معاً إلى حد كبير، في التأسيس وما حققته الجمعية من نجاح وإنجاز بعد التأسيس. وأستطاع اثنينهما ولما لديهما من وزن ووجاهة ورصيد ثقة عند الآخرين أن يجلبا المال لتأسيس الجمعية، ثم الاستمرار بعد التأسيس وحتى مرحلة ازدهارها.

بعد أن تم العزم لتأسيس الجمعية، وفي لقاءات واتصالات ما قبل التأسيس، تم جمع تبرعات ما يقارب المليون والنصف مليون ريال تقريباً، وكان هذا الرقم يومها محل دهشة، وهو مبلغ غير مسبوق أن يتم جمعه قبل التأسيس مقارنة بالجمعيات التي سبقتها في مناطقنا، والأهم أن جمع التبرعات هذا اعتمد على الشفافية، والنشر في نشرة الجمعية “القبيطة” قبل التأسيس، ثم الاستمرار في النشر حتى انتهاء انعقاد دورة الجمعية العمومية في المؤتمر الانتخابي للجمعية بعد التأسيس، بل واستمر النشر، حتى تقديم استقالتي واستقالة محمد عبد الرب منها في مرحلة لاحقة.

انتخابات التأسيس في الجمعية العمومية، أسفرت عن طاقم عملي تنفيذي منسجم ومثابر، يتصدره محمد عبد الرب ناجي رئيس الجمعية من عزلة اليوسفين وأنا أميناً عاما للجمعية من عزلة القبيطة، وياسين عبده صالح مسؤول مالي من مركز كرش، وحاميم عبد المؤمن من مركز الهجر هدلان. 

وما وجدته جدير بالإشارة، هو أن جميعنا في تلك الفترة كنّا مستقلين، ولم يمارس أي منّا أي نشاط حزبي تنظيمي، رغم أني وحاميم كنّا ذو توجه يساري سابق انقطعنا تنظيمياً منذ مدة. وأزعم أن انسجامنا نحن الأربعة ومن معنا وساندنا كان أحد مقومات نجاحنا، حيث لم نسمح للحزبية أو المناطقية المنتنة والعصبيات بمختلف مسمياتها أن تنال منّا، أو من وحدتنا، أو تحرف وجهتنا الخيرية إلى مربع العصبيات المظلمة.. لدينا نظام داخلي نحتكم إليه عندما نختلف، وهو مرجعنا نحرص عليه ولا نتخلى عنه.. ما فشل فيه الساسة نجحنا نحن فيه.

كما كان للجانب الإعلامي زخمه البالغ، وتأثيره المحفِّز والمواكب للنشاط المثابر، وإلهاب وتجديد الحماس والفاعلية، وكان له دوره المميز أيضا في تدفق التبرعات، واستمرارها، وحشد الجهود والطاقات لتحقيق النجاح الذي نروم.

***

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى