من قلوب اليمنيين في المنفى.. إلى قلب وطن لا ينسى: لماذا يحب الناس أحمد سيف حاشد؟

برلماني يمني
فؤاد محمد
في زمنٍ كَثُر فيه المدّعون وقلّ فيه الصادقون، يبقى بعض الرجال أوتادا في الأرض، لا تنحني رؤوسهم أمام العواصف، ولا تتلون وجوههم بتقلبات المصالح. ومن هؤلاء، النائب البرلماني المناضل أحمد سيف حاشد، صوت للناس حين خفتت الأصوات، وضميرٌ حيّ حين ماتت الضمائر.
من يوميات النور في نيويورك
في قلب الغربة، وتحديدا في الولايات المتحدة، حيث تتباعد المسافات وتفصلك آلاف الأميال عن أرضك، يستيقظ الوفاء من غفوته، ويطلّ من نافذة الذاكرة الوطنية التي لا تموت.
هناك، في نيويورك، تلقى أحمد سيف حاشد رسالة من مغترب يمني في ولاية مينيسوتا، تختصر حكاية حبّ الشعب لمن دافع عنهم بإخلاص.
رسالة بسيطة، لكنها زلزلت وجدانه:
“أستاذنا وقدوتنا، أنا أعيش في مينيسوتا، وأتشرف بك ضيفا في منزلي… فكل ما قدمته وتقدمه للوطن لا يستطيع أحد أن يجازيك عليه حتى واحد في المئة منه”.
ردّ أحمد سيف حاشد بحبٍ وشغف:
“أنتم عزائي وسندي ورافعة معنوياتي.. أنا جندي مع أصغر واحد فيكم”.
لم يكن هذا مجرد كلام، بل ترجمة صادقة لما بناه من رصيد في قلوب الناس. هذا الرجل الذي كان نافذة نور لأبناء وطنه حين أغلقت في وجوههم الأبواب، لا يحتاج أن يُعلن عن نفسه.. فالناس تفعل ذلك عنه.
“خذ ما تشاء دون مقابل.. وإلى أجل غير مسمى”
وفي نيويورك نفسها، يفتح مغترب يمني متجره لأحمد سيف حاشد، ويقول له:
“خذ ما تريد… مجانا، وإلى أجل غير مسمى”.
هكذا يُعامل الأوفياء… دون شرط أو حساب. هكذا يكافأ من زرع في الناس أملا ولم يساوم على وجعهم.
من قاعة البرلمان إلى قلوب الشعب
أحمد سيف حاشد لم يكن مجرد برلماني يلوّح بالأوراق خلف المنصة، بل كان حاضرا في الشوارع، في الاعتصامات، في خيام الجوع، في ملفات المنتهكين، في صرخات السجناء، في قضايا الفقراء… دائما في الصفوف الأولى.
وما يميّزه ليس فقط صدقه، بل جرأته في قول ما لا يُقال، ورفضه للمساومات، مهما كانت مغرية أو مرعبة.
لماذا يحب الناس أحمد سيف حاشد؟
1- لأنه يشبههم.
أحمد سيف حاشد ليس نخبويا معزولا، بل قريب من الناس، من أوجاعهم، من وجوههم المتعبة. حين يتحدث، لا يحتاج أن يترجم ما يقول، فقلوبهم تفهمه فورا.
2- لأنه قال “لا” حين قال الجميع “نعم”.
وقف ضد الاستبداد أيا كان لونه، ورفض أن يكون أداة للسلطة، سواء أكانت سلطة سلاح أو سلطة مال.
3- لأنه لم يطلب شيئا لنفسه.
لم يُعرف عنه أنه تسابق نحو مناصب أو جمع الثروات، بل تسابق نحو الحقيقة، وإن دفع ثمنها من جسده وصحته وحياته.
4- لأنه صادق في ضعفه كما في قوته.
ذهب للعلاج، ولم يُخفِ ذلك، بينما تُرمى عليه تهم العمالة! فيقول:
“هم ذهبوا للإدارة الأمريكية لطلب الدعم قبل استيلائهم على صنعاء، ونحن ذهبنا للعلاج، فيُقال عنا عملاء!”.
هذه المقارنة الموجعة تختصر واقعا مريرا… حيث يُكافأ الكاذب ويُخوّن الشريف.
بين الهجرة والحنين.. يبقى الوطن في القلب
دعوات لا تنقطع من مختلف الولايات الأمريكية لاستضافته. لم يكن بحاجة إلى مظهر رسمي أو خطاب بروتوكولي. حضوره يكفي، وتاريخه يشفع له، ومحبته في قلوب الناس تسبق خطاه.
هؤلاء هم اليمنيون الحقيقيون في الشتات.. يرون فيه وجه الوطن النظيف، ويمدّون له اليد لا لأنه طلب، بل لأنه يستحق.
رسالة حب وتقدير لأبناء الجالية اليمنية في أمريكا
إخوتي وأخواتي في الغربة،
من قلب اليمن الذي ينبض بحبكم، ومن وجدان كل من يحملون الوطن في صدورهم كما تحملونه أنتم، أبعث إليكم بأصدق مشاعر الحب والوفاء.
في بلاد الاغتراب، حيث تبذلون الجهد وتتحملون الشوق، تظلون سفراء لوطنكم، تحملون همّه وأمله، وتُحيون قيمه بكرمكم وشجاعتكم. لقد رأينا كيف تفتحون قلوبكم وبيوتكم لكل من يمثل لكم صوت الحق والكرامة، كما فعلتم مع المناضل أحمد سيف حاشد. هذا ليس إلا دليلا على أن اليمن الحقيقي يعيش فيكم، في إنسانيتكم، وفي إصراركم على أن تظلوا جنوده الأوفياء حتى من بعيد.
أيها الراسخون كالجبال،
شكراً لأنكم تذكرون العالم أن اليمني لا يُهزم. بالعمل الدؤوب، وبالتعاضد، وبذلك الحنين الذي يتحول إلى قوة، تبنون مجدا جديدا لأبنائكم، وتُعلّمون العالم معنى “العطاء بلا حدود”. عندما تفتحون متاجركم وقلوبكم لابن بلدكم دون مقابل، فإنكم تكتبون أسمى قصص الإخاء.
أيها الذين تحملون اليمن في العيون،
نقول لكم: لستم وحدكم. فكل خطوة تخطونها نحو النجاح، وكل دمعة تذرفونها على بعد، وكل لمسة حب تُقدمونها لبعضكم أو لوطنكم، هي شموع تضيء درب العودة. نعتز بكم، ونفتخر بأنكم جزء منا، وأنتم—بإنجازاتكم وأخلاقكم—تجعلون اسم اليمن عاليا.
من أجل ذلك، نرسل إليكم:
– حباً غير مشروط لا يُقاس بالمسافات،
– شكراً لا ينضب مهما مرت السنوات،
– ووعداً بأن الوطن ينتظركم، كما تنتظرونه.
حين تجتمع القلوب الطيبة، تصنع المعجزات. فلتظلوا كما عهدناكم: أقوياء، متحدين، ولا ينسى أحدكم أنه يحمل وطناً في عينيه.
تذكروا دائما أن “الغربة لا تبعدنا.. بل تجعلنا نزرع اليمن في كل مكان”.
في الختام…
ليس غريبا أن تُفتح له البيوت والمتاجر والقلوب، فمثل أحمد سيف حاشد لا يموت ذكره، لأن جذوره نمت في الأرض الطيبة من اليمن، وسُقيت بدم القلب، وارتفعت شجرةً في سماء الكرامة.
إن معيار الحب والتقدير الحقيقي لا يُقاس بثناء السلطة أو تكريم أصحاب النفوذ، بل يُقاس بما يحمله الناس البسطاء من مشاعر صادقة تجاه الشخص. فحب الناس لا يُشترى ولا يُفرض، بل يُكسب بالصدق والعدل وخدمة الآخرين بإخلاص. كم من مكرَّم من السلطة منبوذٌ في قلوب الناس، وكم من متروكٍ منهم محبوبٌ في وجدانهم. السلطة قد تمنح أوسمة، لكن الناس يمنحون قلوبهم. وحين تهتف القلوب باسمك، فاعلم أنك قد بلغت الشرف الحقيقي.
التاريخ يذكر من أحبه الناس، لا من أثنت عليه العروش وحدها.
ولمن يتساءل:
لماذا يحب الناس أحمد سيف حاشد؟
أقول له:
من خدم الناس في عزّ الألم، أحاطوه حبًا في عزّ الغربة.