كتبوا عنه

قاضٍ وبرلماني يمني لا يجد طعامًا في نيويورك … ومسؤولوه يتقاضون آلاف الدولارات شهريا..! 

برلماني يمني

لسانٍ عربي

في مشهد يلخّص بؤس الواقع السياسي اليمني، خرج القاضي والبرلماني اليمني الشجاع أحمد سيف حاشد ليكشف عن أقسى فصول غربته في نيويورك، حيث طلب مساعدة عاجلة، لا لإجراء عملية قلب مفتوح، بل لتأمين وجبة طعام واحدة خلال 24 ساعة.

نعم، في وقت يتلقى فيه أعضاء البرلمان اليمني المقيمون في الخارج 5,500 دولار شهريًا من عائدات النفط، ويغرق “المسؤولون” في سفرياتهم ومخصصاتهم، كان صوت الشعب الجائع في نيويورك يتضور جوعًا، ويكتب برجفة يد:

“أنا بحاجة إلى المال من أجل الطعام… تم تقليل وجبة واحدة كل 24 ساعة”

لكن الردّ لم يكن إلا صمتًا رسميًا، وسخرية من “توابعهم” ومرتزقتهم الذين علّقوا:

“يقولك يشكي ويبكي، ما عنده ما يأكل، ههههه”.

أي سقوط هذا؟ أي حضيض أخلاقي بلغته سلطات تتدثر باسم الوطن بينما تخلّت حتى عن صوت الضمير الأخير فيه. 

 أحمد سيف حاشد… منبر اليمنيين الحرّ ونائب بلا امتيازات

ليس هذا البرلماني من أولئك الذين باعوا الشعب مقابل مكاسب سياسية. بل هو، بشهادة الجميع، آخر الأصوات الحرة في مجلس النواب، وأحد أنظف من مثلوا الشعب في العقود الأخيرة.

خسر كل الامتيازات، وحُورب من السلطة، لأنه رفض أن يصمت.
خاض معارك طويلة ضد الفساد، وضد صفقات النفط، وضد الاستئثار بالسلطة، وفضح قضايا المظلومين، وواجه وحيدًا أجهزة الدولة العميقة.
لم يتاجر بكرسي، ولم يساوم على كلمة، ولم يصعد على جراح الناس.

منذ أن اختير أحمد سيف حاشد عضوا، ثم نائباً لرئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان في مجلس النواب، لم يكن نائبًا عاديًا. بل كان صوتًا مدويًا في وجه الاستبداد من كل لون، زار السجون، وفتّش عن المخفيين قسرًا، ورفع الصوت ضد الانتهاكات، ودفع الثمن من جسده وكرامته مرارًا.

وفي يومٍ من أيام ثورة فبراير حين كانت ما تزال تحبو، دافع عن جرحاها حين خذلتهم حكومة “الثورة”، فتعرض للضرب علنًا. وفي أيام أخرى، رُفعت عنه الحصانة، وسُجن، ووُجهت له فتاوى تكفير، وحُرض عليه في الإعلام، وشُوهت سمعته، لكنه لم يتراجع.

قاوم جميع الأنظمة، واحتفظ بموقفه حتى صار واحدًا من أشد البرلمانيين فقرًا وبؤسًا ومرضًا، فقط لأنه لم يبع ضميره كما فعل كثير ممن تحولوا اليوم إلى تجار، ومستثمرين، ومقاولين في تركيا وقطر وأديس أبابا، بينما حاشد ما يزال يدفع ثمن اختياره.

في نيويورك، كتب من غربة موجعة رسالة موجزة، قال فيها ما لا تستطيع مؤتمرات العالم قوله:

“أنا بحاجة إلى المال من أجل الطعام… لا من أجل الجراحة.”
“تم تقليل وجبة واحدة كل 24 ساعة.”

وكان الرد من أحد كبار المسؤولين: “إن شاء الله”… ثم صَمْتٌ طويلٌ، يشبه صمت القبور.

صوته في الغربة… صوت اليمن كلها

عندما كتب من مهجره “أنا بحاجة للطعام لا للعملية”، لم يكن يكتب عن نفسه فقط، بل عن جوع الشعب كله.
كان يلخص مأساة وطنٍ، سرقه مسؤولوه، وأهانوه، وأسكتوا من صرخ لأجله.
في رسالته وجع لمئات الآلاف من المغتربين والمشردين والمقهورين الذين لا يجدون صوتًا.
وفي صمته عن ردود السخرية التي نالها، كرامة أكبر من كراسي ألف وزير ونائب.

واجب لا يُطلب… ووفاء لا يُستجدى
لم يكن أحمد سيف حاشد في حياته طالبًا لعطايا، بل كان حارسًا لكرامة هذا الشعب.
وحتى حين كتب من منفاه، لم يكن يشكو لنفسه، بل يرفع مرآة لنا جميعا.
لم يسأل الناس شيئًا، لكنه حمل اليمنيين كلهم مسؤولية الوفاء لرجل أنفق عمره في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم
ومن المعيب أن يُترك من ناضل عنهم، وحمل آلامهم، وصرخ لقضاياهم، دون أن يلتفتوا إليه اليوم، لا من باب العطاء، بل من باب ردّ الجميل، وحفظ الوفاء، وإكرام الموقف.

 خاتمة المقال… شهادة وطنية

عندما يجوع قاضٍ، ويُهان نائب برلماني، وتسخر منه أجهزة السلطة، وتُمنع عنه المساعدات، بينما يتقاضى زملاؤه في البرلمان 5,500 دولار شهريًا من عائدات النفط في فنادق الخارج… فاعلم أن الوطن مختطف، وأن التاريخ يُكتب بالدم لا بالحبر.

إنه ليس مجرد رجل…
بل وثيقة حية تقول:

” في اليمن، يمكنك أن تكون صادقًا، وتدفع الثمن كاملًا، ولا تجد من يقف معك إلا من رحم الله”. 

نعم إنه ليس رجلاً فقط…
بل مرآتنا، ومظلمتنا، وذاكرتنا التي لا يجوز نسيانها.

المصدر: قناة بلسان عربي على التلغرام 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى