كتبوا عنه

حاشد عندما تتناوشه السهام من كل حدب وصوب

برلماني يمني

محمد اللوزي

إلى صديقي النائب أحمد سيف حاشد:

ينحاز بكل ثقله إلى المظلومين، يُعبِّر عن نبضهم، عن أمانيهم، عن أوجاعهم التي تنزف، وعن حكاياتهم في البحث عن ما يسد رمقهم. النائب أحمد سيف حاشد، موجع القلب باكياً، تتناوشه السهام من كل حدب وصوب، لأنه لا يقبل أن يداهن أو يجامل.

لذلك نراه في أرجاء عالمه يستحضر هذا التعب الإنساني، ويصرخ من أعماقه، أن ثمّة ما يُرهق القلب ويزيده عناءً. هم أولئك المُترصّدون له، لا يتركون له حرية أن يكون كما يريد، وفياً لما هو إنساني، بعيداً عن السياسة ودهاليزها، وما يعتمل فيها من مؤامرات ومحاولات استقطاب لا تروق للنائب حاشد، ويرى فيها بخساً لثمن الإنسان الأجل من أن يكون مجرد ملحق بالكذب.

النائب حاشد اليوم يعيش غربة الذات وغربة المنفى،
وبينهما ثمّة من يُصيبه بوجع المماحكات والمدارات والشللية، وهو ليس هذا ولا ذاك.
ولربما أن تفرده مصدر قلق للآخرين، ووجع لروحه التي أضناها السفر، وأرهقها الترحال، وصارت مكلومة بفعل من يريد استلاب الناس أحلامهم ومصادرة حقه في أن يكون كما يريد.

للنائب أحمد سيف حاشد مواقف كبيرة من اللامهادنة، واللّا قبول “بكيفما اتفق”، لذلك نراه يصرخ من أعماقه، على كل هذا البليد من الادعاءات وتزييف الحقيقة.
بهذا نراه تارة آهةً وحرقة، وأخرى يترسم الأمل، يتعايش معه، وقد يُصيبه بالدوار حين لا شيء سوى الوجع المتلاحق، وتذكارات ماضٍ كان يعيشه أملاً، حتى تعثّر به، وخبَت به الريح إلى أقاصي الدنيا، ليرى حسد الحُسّاد، وكثيراً من التجريح والاتهام، وحتى التخوين.

لكَ الله أيها النقيّ التقيّ، وأنت من وجعٍ إلى وجع، تتّقي سهامهم، فتصاب بكثير من النصال.
لكأنك معجون بغبار هذا الزمن البليد، زمن المنافي الذي لا يحدّه مكان، ولا يقبل التوقف، ويستعصي على المرء التأمل فيه برهة.

صديقي المُرهف بما هو طيب ونقي، هذا أنت في زمن جراحاته غائرة، ومع ذلك تحاول أن تقف بقلبٍ موجع، ليعلو صراخك فينا، في قلبنا، في مواجعنا، في هذا المفترق من اللامبالاة، بين الإخوة الأعداء المحاصرين للحياة من أن تطلّ على الحياة.

إنه الزمن الذي قال عنه شاعرنا البردوني: “زمن بلا نوعية”، لعله أتقن قراءته جيداً، وتبصّره حين عجزنا عن التبصر بما فينا من آهات.
وصحيح أيها الصديق الذي يتحسّس نبض قلبه، وينتظر شيئاً من دبيب حياة تسري في الجسد المُنهك، حين قال البردوني بأن كلهم: “وجوه دخانية في مرايا الليل”، لقد فهمنا المعنى الموغل في الغموض اليوم، ونراه شديد الوضوح بدقة.

ولعلّي أستطرد، يا صديقي، وأطلّ على عنوان ثالث لذات الشاعر الذي أتحفنا بوسم ديوان له بـ “ترجمة رملية لأعراس الغبار”، نعم، إنهم كذلك، أينما يمّمت وجهك، في أمريكا أو في أي جهة من جهات الأرض، فأنت اليمنيّ، وجع هذه الأرض، وأوجاعها فيك.

تحية معزة، أيها المناضل، وكن بخير يا صديقي.
رسالتك الأخيرة عذبتنا أحرفها وقلبك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى