طيران بلا اجنحة .. عن الجرائم في فلسطين
برلماني يمني
أحمد سيف حاشد
أهدي وجعي هذا إلى غزة وشعب فلسطين..
ابلوغهم أن أوطاننا لم تعد لنا..
أبلوغوهم أنني لا أملك جيشاً أو كتائبا ولا نفطاً ولا مالاً ..
ابلغوهم أن قرار تحريك الجيوش والصواريخ والعتاد ليس بيدي، وإلا ما توانيتً عن غزة برهة زمن.
… قصتي تلك تذكرتها وأنا أرى من يدين الجرائم التي تحدث في فلسطين ـ وهي جرائم مدانة دون شك وبكل لغات العالم ـ وما يقترفه حكامنا اليوم من جرائم أكثر ترويعا ًوبشاعة بحق شعوبهم، وتوظيفهم لما يحدث في الخارج لجلب شرعية ما لحكمهم، وترسيخ سلطانهم وطغيانهم على شعوبهم، وتعويض فشلهم الاقتصادي والاجتماعي، وإخفاقاتهم الشاملة والمتكررة حيال استحقاقات أوطانهم، وشعوبهم في الداخل، والهروب منها إلى إسرائيل وأميركا وغيرها من القضايا الخارجية.. توظيف واستغلال الأحداث السياسية في الخارج لخدمة أنظمتهم القمعية في الداخل. أحسست أننا بحاجة لألف حذاء، ومليون صفعة تصلح شأننا.
تذكرت قصتي تلك وأنا أرى التناقض الصارخ الذي نعيشه اليوم بين ما يُقال وما يتم فعله.. المفارقة التي أشاهدها بين الحقيقة، وما يتم ادَّعاؤه.. بين الواقع والوهم.. مزاوجة السياسة بالدين أو توظيف الدين لخدمة السياسة، أو لخدمة أجندات السلطة ومصالح وأطماع الدول.. وقد قيل ”إن السياسة ما دخلت في شيء إلا أفسدته“.
تذكرتُ قصّتي تلك وأنا أرى الدجالين المدَّعين يدّعون لأنفسهم الصلاح والتقوى والورع، ويحظُّون الناس عليها وعلى العدل والقسط، وتأكيدهم لرفض الظلم، بل والدعوة إلى مقاومته، ولكن بشرط أن يكون هذا بعيداً عن الشعوب التي يحكمونها، فيما ترتكب هذه السلطات في واقعنا وبحقنا وبحق شعوبنا كل مرعب ومروّع ومستبد.
يدينون تعصب الآخر فيما هم يمارسون العصبيات المنتنة كلها.. يتشرّبونها منذ نعومة أظافرهم.. يغرقون في وحولها، ويسقطون إلى قيعانها السحيقة، أو تهوي فيهم إلى قاع الجحيم.
يدعون إلى العلم والتفكير العميق، فيما هم في الحقيقة يشبعون مناهجنا التعليمية بالتعصب المقيت، والجهل الثقيل، ويعمدون إلى تكريسه في المؤسسات التعليمية من الروضة إلى المدرسة ثم إلى الجامعة، وقد نجحوا بالفعل في تحويل تلك المؤسسات التي يُفترض أن تكون تعليمية وعلمية، إلى ساحات ترويض وتدجين وتبليد، يطفئون بها مشاعل العقل، ويوئدون فيها التفكير الحر، ويلجمون البحث العلمي ومناهجه بألف عقال وقيد.