مذكرات
فقدانٌ موحشٌ وغيابٌ لا ينتهي!! أحمد سيف حاشد
فقدانٌ موحشٌ وغيابٌ لا ينتهي
أحمد سيف حاشد
لازلت أذكر سامية وهي مُسجاه على الفراش.. كانت الرغبة تستبدُّ بي لأعرف ماذا حدث!! كان الغموض عندي بكثافة مجرةٍ مملوءةٍ بالأسرار العصية على الفهم..
كنت أنظر إليها مشدوها كأنني أشاهدها واكتشفها لأول مرة.. رغم الموت كان وجهها نابضا بالنور، وعيونها مشرقة رغم السكون، كانت تلبس ثوبا بلون دمِ الغزال.. مازال هذا اللونُ أثيرا لنفسي وإن كان يُذّكرُني بفراق طويل.. لم أكن أدرك حينها أنّ الموت خطفها وغيّبها للأبد.. لم أستوعبْ أنّها لم تعُد بيننا وأنّها لن تعود..
كنت أبحث عنها على الدوام وابكي وأقول لأمي: ابحثي عنها في مكان نومها، أريد أختي، أريد أن ألعب معها.. لم تحتمل أمي كلماتي الموجعةِ التي تنزف دما وحُرقة.. كانت تحاول تبلع غصصها, وتداري حسرتها البالغة، فيفضحها انهمار دموعها، فتنفجر بالبكاء وأبكي معها دون أن أعرف السبب..
كرهتُ الموت من حينها، غير أن أمي كانت تعزّيني، وتخفّف من وجعي ووجعها، وتقول: إنها في السماء، وإنها مرتاحة هناك، وسعيدة بين بنات الحور، وإنها تأكل التفاح واللحم، وكلّ أنواع الفاكهة.. كلّ ما أنا محرومٌ منه في الدنيا الفانية هي تأكله، وتنعم به في الحياة الثانية..
ربّما بعد حينٍ همَمْتُ بمغادرة هذه الدنيا الفانية إلى دار الآخرة لأستمتع بتلك الحياة الرغيدة، وأعوّض كلَّ حرمانٍ عشته في هذه الدنيا، ولكن شقَّ علي أن أتركَ أمي وحدها تنتحِب بقيّة عمرها.. رأيت أنّ المغادرة بمفردي دونها أنانية تبتليني، ورأيت إن البقاء عذاب لا ينتهي إلّا برحيلي.. هكذا بات الأمر سيَّان، وكأنّني أدور في مدار من عذاب لا يريد أن ينتهي.. ولكن حب أمي كان عظيما.
أخبرَتْني أمي أنّني سألتقي بأختيَّ (نور وسامية) يوم القيامة.. ومتى ستأتي يوم القيامة؟! إنني أكره الموت والفراق الطويل؟! العجيب أنّ أمّي – بعد حين – كانت تقول لي: إن الإخوة لا يلتقون في الدار الثانية إلّا يوم القيامة، أما بعد القيامة، فلا وصل ولا لقاء بين الإخوة، بنينا أو بناتا.. ربّما كانت أمّي أو مَنْ جلبَ لها هذا القول، يقصد تعميق أواصر الأخوة وتوثيق المحبة بين الإخوة في هذه الدنيا، ولكن كان الأمر بالنسبة لي يعني حزنا عميقا على فراق لازال بعيدا، وحسرة طويلة من الفراق الأبديِّ البعيد يأتي بعد يوم القيامة..
من فرْطِ تعلُّقي بأختي سامية، جاءت مولودة لاحقا، فأسموها سامية، تعويضا وتخفيفا من فراغ موحش تركه هذا الموت الذي يغيِّب عنّا من نحب.. هذا الموت القاسي والخالي من الرحمة والمشاعر.. سامية (أختي الجديدة) جاءت شفيفة ومرهفة وحميمة، ومسكونة بالسموّ والنُّبل الجميل.
***
يتبع..
صفحة احمد سيف حاشد على تويتر 2
حساب احمد سيف حاشد على الفيسبوك
صفحة احمد سيف حاشد على الفيسبوك
قناة احمد سيف حاشد على التليجرام
مجموعة احمد سيف حاشد على التليجرام
Ahmed Seif Hashed’s Facebook page
Ahmed Seif Hashed channel on telegram
Ahmed Seif Hashed group on telegram