من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال

برلماني يمني
أحمد سيف حاشد
جاء ضمن رسالة “هولدا” للصديق د. طارق العامري: تتشرف منظمتنا بدعوة المستر أحمد سيف حاشد لحضور المؤتمر في وشنطن، ويستطيع المستر احمد أن يصطحب إلى جانبه إثنين من رفاقه أن أراد على نفقة منظمتنا شريطة ان يجيد احدهم اللغة الانجليزيه.. وبعد هذا تم الخوض في الترتيب للوصول من نيويورك حتى قاعة المؤتمر.
في رحلتي إلى واشنطن كان أول تحدي أمامي هو اللقاء بمرافقي رجل الأعمال عمر السعدي..أن يكون لدي مرافق رجل أعمال وحامل للجنسية الأمريكية حدث لم أتصوره ولم أتخيله حتى ليوم واحد فيما سلف من عهد وعمر.
في صنعاء جميع من رافقوني ناس بسطاء وطيبين على مدار المراحل المختلفة والسلطات المتعاقبة بكل مسمياتها أما ضربوا معي أو نكل بهم، بل وواحد منهم قتلوه ظلما وعدوانا وقهرا.
مرافقي الأول كان اسمه عادل صالح يحيى وهو أخ زوجتي.. قتل بالضرب المفضي إلى الموت في عهد كان يتولي رشاد العليمي وزارة الداخلية.. قتلته عصابة ابن مسؤول يتبع وزارته، وكان هذا المسؤول يشغل منصب مدير دائرة الحراسات وحماية الشخصيات والمنشاءات.. عندما لا تطول عدالة تبحث عنها بسبب سلطة تحول دون تحقيق ذلك تظل في القلب نصله سكين، وفي الوجدان والذاكرة وجع وآه لا ينتهي.
بقية من رافقوني كل أخذ قسطه ونصيبه من اعتداء وضرب على نحو أو آخر.. فكري محمد سعيد وخالد القرتاب من لحج وخالد القحطاني من شرعب وإبراهيم الجلة من ريمه وعمار قردش من عدن ومروان الحاج من تعز وآخرين.
كنت أتعامل مع مرافقيني بندية..كان تعاملنا مع بعض بمحبة من دون تعال ودون رئيس و مرؤوس.. تعاملت مع كل واحد منهم بلطف وإهتمام لا يخلو من حميمية.
كان من يرافقني عليه أن يجازف ويتوقع أسوأ الاحتمالات .. أذكر انني أردت يوما أن يرافقني أحد أقربائي بيد أنه رد قائلا: “أنا لا أغامر بحياتي.. أنا عادنا شاب.. أنا عادنا اريد أن أعيش وأستمتع بحياتي..”
أما مرافقي نبيل الحسام فكان مسك الختام.. نبيل كان معاقا في إحدى رجليه، ولكنه كان نبيلا ووفيا.. نبيل كان برجه الحمل يحب بشده ويضرب الطاولة بقبضة يده عند الاختلاف ثم يندم ويعتذر.
أما اليوم في نيويورك فقد صار مرافقي رجل أعمال ليومين متتالين.. من المحتمل أن نصير أصدقاء.. هو مجرد إحتمال.. طيلة حياتي لا أجد كيمياء بيني وبين رجال الأعمال عموما إلا ما هو بحكم النادر والنادر لا حكم له.. حتى أولئك الذين بيننا بعض من ود ومعروف ظلت بيننا فجوة يصعب ردمها، وفي أفضل الأحوال ظلت بيننا مسافة المائة قدم ممنوع الإقتراب.
***
في نيويورك أقيم في مدينة “برونكس” فيما مرافقي يقيم في مدينة “منهاتن”.. كنت أظن أنه سيأتي إلى المدينة التي أقيم فيها وننطلق معا في القطار، ولكن تفاجأت أنه يريد أن امر عليه إلى المدينة التي يقيم فيها، ومنها ننطلق بالقطار إلى العاصمة الأمريكية “وشنطن”.
لم أستطع هنا المغامرة عبر القطار إلى مدينة صديقي لاحتمال وجود خطأ يمكن أن يؤدي إلى أن اجد نفسي مفقودا؛ وبالتالي فوات ميعاد المؤتمر وهو بيت القصيد ومربط الفرس.
كان لابد من بديل عن القطار في هذه الانتقالة.. لابد من سيارة أجرة تنقلني من مدينتي إلى مدينة مرافقي؛ ولأجل هذا كان لابد من الاستعانة بصديق لترتيب ذلك.. أبسط الأشياء بالنسبة لي كانت تحتاج إلى الإستعانة بصديق؛ ولأنني احتمل الخطأ وأعمل أسوأ الإحتمالات وصلت قبل منتصف الليل إلى مدينة مرافقي.
وصلت قبل ست ساعات من الموعد المحدد بيني وبينه.. أحترت ولم أعرف كيف أقضي كل هذه المدة..؟! ست ساعات ليلية طويلة وظنكه ولا مجال للنوم فيها.. كانت الساعات تمر على جسدي كالجنازير.. أقضي الوقت أكثره راجلا، وبعضه واقفا وقاعدا قيد الإنتظار.. الانتظار يرهق الروح والجسد.
وصلت “منهاتن” والجو ماطر والبرد يشتد ومازال أمام الليل صولات وجولات، ومازال لموعدنا ساعات انتظار طويلة.. في المدينة هناك عالم من الفخامة فيما أنا أجوس وأترجل فيها مبلولا وممطورا، ومتعبا من يوم سابق ومن دون نوم، وقبل ساعة من الموعد اتصلت بعمر السعدي وقلت له انني وصلت دون أن يعلم أنني قد وصلت قبل خمس ساعات من إتصالي به.. خمس ساعات أذرع فيها المدينة شرقا وغربا فيما ساعة باقية صرت منهكا فيها أنتظر قليل هنا وقليلا هناك.