مذكرات

(3) الإرغام والإكراه..! أحمد سيف حاشد

مذكراتي .. من تفاصيل حياتي

(3)

الإرغام والإكراه !

أحمد سيف حاشد

كان هنالك حرصاً من قبل القائمين على الكلية العسكرية ووزارة الدفاع على ضمان توفير الحد الأدنى من تمثيل المحافظات في صفوف الملتحقين بالكلية، وكان أبناء عدن تحديدا أكثر من يحجمون عن الالتحاق بها، إلاّ في حدود ضئيلة، ربما بسبب مزاجهم المدني الذي لا يميل للسلك العسكري، أو لأن معظمهم ربما لا يطمئن له كمستقبل..

 

شاهدتُ في أول يوم وأنا استعد لحلاقة رأسي ثلاث مجموعات من الطلبة وهم يجتمعون على ثلاثة من أبناء عدن ليرغموهم على حلاقة شعر الرأس (صفرا) وكانت هذه الحلاقة من الشروط الأولية والبديهية للالتحاق بالكلية العسكرية.. وقد ذكّرني هذا الفعل القمعي بالفلكة التي أنزلها الاستاذ على أحمد سعد وعدد من الطلبة على قدماي، عقابا على غيابي وتهرّبي من المدرسة..

 

الفارق إن جماعة الإرغام في الكلية استهدفت رؤوسهم لحلاقته، فيما جماعة الفلكة استهدفت قاعة قدماي لإلحاق أكبر قدر من الألم زجرا وعقوبة للحيلولة دون التهرب مرة أخرى من المدرسة.. لقد كان الإرغام هو المشترك بين الفعلين.

 

شاهدت هذا الإرغام بأم عيني، وسمعت صراخ المُرغمين الطافح، وتألمت أن يتم حمل بعض الشباب على الالتحاق بالكلية العسكرية كارهين.. إنه أشبه بالإرغام على الزواج بمن لا تعشق ولا تحب، بل وبمن تعاف وتكره.. وقد ذكرني سماع صراخهم المشبوب بالنار، بصراخي وأنا تلميذ افتلك بالخيزران..

 

من المجحف أن تُرغم على ما لا تريد، وأن تشرب مما تعاف، لاسيما بعد بلوغ ورشد.. وأي نظام أو سلطة أو حتى رب أسرة يجري تغييب المعني الأول، واصدار القرار عنه، في خيارات هي من صميم حياته، وتتعلق بمستقبله أو بجانب منه، أمر فادح الإجحاف، لاسيما عندما تتجاهل تلك السلطة إرادة ورغبة وخيارات المعنيين أولا باتخاذها..

***

 

كثير من الآباء حدّدوا بعض خيارات الحياة لأبنائهم في التعليم أو العمل أو الزواج، ولكن أيضا كثير منهم أنتهى بهم المطاف إلى الفشل أو التعثر أو تحقيق نسبة أقل من النجاح عمّا يُرام أو يُفترض، وأحيانا ينقلب بعضهم على تلك الخيارات التي فُرضت عليهم من غيرهم، أو حتى من ظروف الواقع التي حملتهم على ما تريد، وعلى نحو مغاير لرغبات وتمنيات أصحابها..

 

أحيانا يقضي بعضهم سنوات في خيارات غير تلك التي كانوا يتطلعون إليها، ثم يعودون بعدها يبحثون عن ذاتهم، وعن خيارات الرغبة التي يريدونها، أو تمنّوها يوما ولم يطالوها، أو لم يتمكنوا منها سابقا.. ويمكن القول أن المقموع في خيارته، يعيش مُراغما لواقعه، ويكون حصاد تلك الخيارات، ضئيلا أو قليلا أو في مستوى غير مُرضٍ لصاحبه..

 

إنه لمن الخطاء فرض القناعات والخيارات على الناس بسطوة السلطة والغلبة، بعيدا عن إقناعهم وصناعة الوعي المؤيد لتلك القناعات والخيارات.. من الفادح فرض قناعتك وتصوراتك واختياراتك على ناس لا يرون ما تراه، أو تفرض عليهم ما تعتقد أنه محل نموذج ومثال، وهو مع الواقع في صدام وتنافر لا يقبل بعضه..

 

عليك أن تقنع الناس بصواب رؤيتك، وارفع من وعيهم إن كانوا لا يدركون صوابك أو كانوا يجهلون مصلحتهم، ولا تستخدم سلطتك القمعية وأسلوبك البيروقراطي في فرضها واستمرارها تعسفا على إرادات الناس وقناعتهم..

 

كثير من الإجراءات القسرية والبيروقراطية التي تعسفت الواقع وقامت بالتهجير والدمج القسري بين الجماعات أو القوميات أو الشعوب انتهت إلى الفشل بعد أن اهدرت كثيرا من الجهد والوقت والامكانات.. فشلت لأنها أرادت فرض النظريات المتعسفة على الواقع، والاقتصار والاعتماد على القمع والإرغام في تنفيذ تلك السياسات الغير عادلة، والتي يكون مصيرها الإخفاق والفشل، بل والفشل الذريع الذي حوّل الآمال العراض إلى ردة حضارية ربما بكل المقاييس..

 

***

يتبع..

 

موقع يمنات الاخباري

موقع برلماني يمني

صفحة أحمد سيف حاشد على تويتر

صفحة أحمد سيف حاشد على تويتر 2

حساب أحمد سيف حاشد على الفيسبوك

صفحة أحمد سيف حاشد على الفيسبوك

قناة أحمد سيف حاشد على التليجرام

مجموعة أحمد سيف حاشد على التليجرام

أحمد سيف حاشد هاشم

 

“Yemenat” news site

MP Ahmed Seif Hashed’s websit

Ahmed Seif Hashed “Twitter”

Ahmed Seif Hashed “Twitter”

Ahmed Seif Hashed “Facebook”

Ahmed Seif Hashed’s Facebook page

Ahmed Seif Hashed

Ahmed Seif Hashed channel on telegram

Ahmed Seif Hashed group on telegram

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى