تغاريد غير مشفرة

تغاريد غير مشفرة .. مشروع قانون كارثي

برلماني يمني

أحمد سيف حاشد

(1)

لازال وزير المالية ومحافظ البنك المركزي بصنعاء يرفضون الحضور إلى مجلس النواب بصنعاء، بل أتضح أنهم يرفضون مشروع القانون من الأساس، والمسمى بـ”منع التعاملات الربوية”، ويطالبون بتأجيله، بل ربما لا يريدوا أن يتم استخدامهم، أو استخدام اسمائهم في تمرير هكذا قانون، لما يمكن أن يحدثه في الواقع من فوضى ومخاطر وأرباك، بل يبدو أنهم يدركون جيداً ما سينتهي إليه الحال إذا ما تم تمرير وفرض هذا القانون.

لذلك رأت سلطة صنعاء أن مجلس نوابها سهل وطيع ومحتاج، وهيئة رئاسة أكثر طاعة واستجابة، وسيتولى المجلس تمرير هكذا قانون، أقل ما يمكنني وصفه أنه غير دستوري، بل وكارثي، ويُوقع فادح الضرر على حقوق المواطنين.

موقفي المبدئي والدائم وخلال كل فترة الحرب ضد إصدار أي قانون أو قوانين أو إجراءات شرعنة كانت صادرة من مجلس نواب صنعاء أو “عدن”، يكرس هذا الواقع التمزيقي لليمن، ويكرس مخرجات هذه الحرب الملعونة، ويستبيح حقوق المواطنين، وأعلن انحيازي التام إلى جانب مصالح هذا الشعب المنهك، والمستباح حقوقه، والمنكوب بحكامه.

(2)

لقد اعلنتُ اليوم موقفي ابتداءً وعلى نحو غير موارب، بل صريح وصارخ، في اللجنة المشتركة المناط به دراسة ومناقشة مشروع ما يسمى بـ “منع التعاملات الربوية”، وطلبت اثبات موقفي منه في محضر الجلسة، وأكدت أنني ضد مشروع هذا القانون جملة وتفصيلا، ووصفته بالكارثي والخطير على حقوق المواطنين في البنوك، ويحمل من المخاطر ما لم يحمله مشروع قانون أخر من قبل.

وأعلنت أن هذا القانون غير دستوري، وأن استبعاد اللجنة الدستورية من اللجنة المشتركة هو للحيلولة دون إعلان موقف اللجنة الدستورية ورأيها بعدم دستورية مشروع هذا القانون.

وأوضحت أن الربا مجرم بقانون العقوبات ولا يجيزه القانون المدني اليمني.. واشرت إلى أن الناس كانوا ينتظرون انفراجة بعد الحرب، وإذ نجد “نهب” ما بقي لهم من مال في البنوك.

وأشرت أن المواطنين سيمنعون من أموالهم حتى التي أودعوها، وسيتم ذلك تحت عنوان استراتيجية وطنية بعيدة المدى، وهي وسيلة ربما تؤخر أستلام أصول ودائعهم إلى عشرة أو عشرين عام.

(3)

بالمناسبة وأنا أرفض مشروع هذا القانون، واسجل قراري وموقفي، وأدافع عن قناعاتي ضد هذا المشروع، فأنني أنطلق من جانب أخلاقي وحقوقي ووطني وإنساني محض، منوهاً إلى أنه لا توجد لدي أي أموال في أي بنك محلي أو خارجي.

(4)

أفادت وبررت رئاسة المجلس السياسي في صنعاء أن الوزير والمحافظ لم يستوعبا مشروع القانون..
بالله عليكم هذا عذر أم سليط؟!

حتى المثل القائل “عذر أقبح من ذنب” هو دون هذا التبرير اللزج..!!
وإن كان الحال كذلك كما تزعمون؛ فلماذا أسلمتم لهم مسؤولية أقواتنا وأرزاقنا سنوات طوال!!
ولماذا تريدونهم يستمرون طالما هم لا يفقهون نصوص قانونية مالية هي أصلاً من صميم اختصاصهم.

أين الخلل..؟!
أين هو العوج إذاً..!!
لقد قال الشاعر يوماً:
“كيف يقوم الظل والعود أعوجُ”.

(5)

لم يستطيعوا توريط وزير المالية ومحافظ البنك، أو أن السلطة منقسمة على نفسها حيال مشروع هذا القانون، أو أرادت السلطة تجنيبهما هذا الدور لتورط مجلس النواب بدلاً عنهما، وربما للتحريض عليه، واستهدافه مستقبلا لحله باعتبار ذلك مطلب شعبي بعد أن يكون قد نفذ لهم مبتغاها، ويحملون المجلس الذي يرونه ليس من صلبهم، تباعات ومسؤولية ما سيحدث من نتائج كارثية.

ولذلك ربما ترى السلطة أن مجلس نواب صنعاء هو الجدار القصير التي بإمكانها إرغامه بسهولة ويسر إذا ما حاول الرفض، أو تجنب انقسام السلطة في صنعاء، ليكون المجلس كبش فداء، أو هو أسهل من معالجة انقسام السلطة المفخخة بمراكز قواها.

(6)

وتريد السلطة بجرأتها تلك أن تأكل الثوم بفم مجلس النواب، وترك تبعات مسؤولية ما سيحدث لاحقا عقب نفاذ هذا “القانون” على هذا المجلس التي تعلكه مع كل “تشريع” تقدمه السلطة ويصدره المجلس يؤدي إلى الفوضى أو الإخفاق أو صعوبة في التطبيق أو تعسف في استخدام الحق.

وأكثر من هذا وذاك تريد السلطة غسل ما وقعت فيه من جرائم سابقة، مثل سحب الحكومة على المكشوف من البنك تعدى عمّا هو ضروري ومسموح بأضعاف مضاعفة، وأموال أخرى كبيرة لم تعد غير أرقام مجردة، ويكون هذا الغسل بقانون يتحمل وزره هذا المجلس الذي يقبل بأدوار لا تليق به، ولا تمثل مصالح الشعب بحال.

(7)

لقد حضرتُ جلسة اللجنة المشتركة المناط بها مراجعة مشروع القانون، والتي سترفع تقريرها إلى المجلس على نحو يبدو مستعجلاً، ومن دون حضور وزير المالية ومحافظ البنك إلى اللجنة، ولاحظت التوجه المستعجل لتمرير مشروع “القانون”.

ولاحظت زملائي بين مؤيد وخائف وذاعن وحذر ومتردد، وقليل منهم فقط من يعلنون ممانعتهم ورفضهم لهذا المشروع الذي يتم الدفع به دفعاً ليكون قانوناً عند دخول شهر رمضان، كما تريد سلطة صنعاء، حتى تصوم كما تشتهي.

(8)

مشروع قانون تحت مسمى “منع التعاملات الربوية”، فيه دغدغة للعواطف الدينية التي هي أسهل ما تخدع المجتمع بمفهومك المخادع للدين، وأكثر منه سهولة دغدغة تلك العواطف البلهاء، لتقلب فيها المفاهيم، ومنها مفهوم “الربا” والذي يتم بسوء طوية، على نحو يخدم مصالح جماعة أو فئة على حساب أصحاب الحقوق.

وبمشروع هذا القانون نبدو وكأننا كنّا نعيش عصر الجاهلية الأولى، وأننا لم نسلم إلى اليوم، وفي هذا العهد، وعبر مشروع هذا القانون، الذي يجري تمريره بتأثير ونفوذ السلطة على حساب المواطنين الذين سيتم مصادرة حقهم فيما كان بعضهم يعتاشون عليه، والذي تسميه السلطة بـ”الربا” لغرض في نفس يعقوب.

أكثر من هذا وذاك يريدون إنفاذ هذا القانون بأثر رجعي، وهو أمر لا يدعو فقط إلى كثير من الريبة والمخاوف على الحاضر والمستقبل، بل وأيضاً ما اكتسبناه من حقوق في الماضي .. إنه الاستيلاء بأثر رجعي على الحقوق، بقانون معوراً بكثير من الباطل، وتفرضه سلطة أمر واقع عبر مجلس نواب لا يملك من أمره شيء.

(9)

عندما يأتينا مشروع قانون كهذا، فإنه يعني ضمن ما يعنيه أن ماضينا كله، كنّا فيه منحرفين عن صحيح الإسلام وجوهره، وأننا كنّا نحلل ما حرم الله، ونحرم ما أباحه الله، وهذ التزييف في الوعي الجاري تكريسه بأكثر من وجه، صار مدعوماً بسلطة غلبة وأمر واقع لشرعنته عبر مجلس نواب قليل الحيلة.

مجلس نواب محسور ومخلول بتكوينه.. مجلس وجد نفسه خاضعاً لمشيئة سلطة متحكمة بقوته ومستقبله، لا تريد أن تبقي له منفس أو هامش .. مجلس غير قادر على مقاومة ما تمليه عليه مشيئة تلك السلطة التي أغلقته ذات يوم في لحظة انفعال وتجبر، لمجرد محاولته الدفاع عن أبسط حقوقه.

ويكفي هنا أن يقول رئيسه تمت الموافقة على مشروع القانون بالأغلبية، حتى وإن كانت الحقيقة والواقع غير ذلك .. ولطالما أمر كهذا أو فهلوة كتلك مرت أمامنا وألقمت بعضنا السم الزعاف، أو مرت على نحو يفقأ العيون ويدمي القلوب.

(10)

ولكشف بعض ما يحدث من تلبيس ومغالطات وقلب للمفاهيم، أشارت الرسالة الموجهة لرئيس مجلس نواب صنعاء من الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية، والغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة، وجمعية البنوك اليمنية، واتحاد منتجي الأدوية، واتحاد مستوري الأدوية، وجمعية الصناعيين اليمنيين، والتي أفادت أن المادة 315 من القرار بقانون الجرائم والعقوبات الصادر عام 1993 نصت على:
“يعاقب المقرض بالربا بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات”.

القانون هنا جرم الربا لا منعه فقط، بل وأوقع على الجاني عقوبة تصل إلى ثلاث سنوات، وقد مر هذا القانون عبر لجنة تقنين الشريعة الاسلامية في مجلس النواب، ولم يكن شعبنا يومها كافر أو ملحد، ولم يحدث بعدها فتح الإسلام.

(11)

أسهبت الرسالة في تفصيل وتفنيد “الربا” وما شاب مفهوم مشروع القانون من تلبيس مستندين في ذلك إلى الفقه والقانون، متهمين مشروع القانون أنه لم يرد فيه تعريفاً واضحاً للربا المحرم شرعا، وهو ما سيثير غموضاً واشكاليات عند تطبيق نصوصه، ومتهما واضعيه أنهم لم يقوموا بدراسات لا اقتصادية ولا شرعية ولا قانونية.

(15)

وأشارت رسالة الخمس جهات والتي ستكون بحكم المتضررة إلى مخاطر أخرى عديدة منها:

تحول مشروع ما يسمى “منع التعاملات الربوية” إلى قانون سيؤدي إلى انهيار العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وسيؤثر على تسوية الالتزامات الناشئة عن طريق الاعتمادات المستندية والتحويلات المصرفية، وبالتالي سيؤثر على عملية استيراد مشتقات النفط والسلع الضرورية.

كما أن مشروع القانون يلغي الاتفاقيات الدولية المصادق عليها لنجد أنفسنا أمام معركة أخرى مع العالم ومؤسسته المالية وهو ما يصادم الدستور والقانون الدولي ويتعارض مع التزامات اليمن في علاقاتها مع دول العالم.

كما أن مشروع القانون يلغي نصوص في أكثر من 14 قانون وهو ما سيخلق فراغاً تشريعياً واضطراباً عند تفسير تلك النصوص.

(16)

لن تكون هناك منح خارجية، ولا قروض ميسرة، وسيؤدي الإمر إلى حصار اقتصادي ربما أشد وألعن من ذلك الذي عشناه من قبل، فيما أنت ستفشل عن التصدّي أو تلبية عُشر الاحتياجات الملحة لأبناء شعبك، في ظل اقتصادك الهش والمريض، وغير جاهز لما سيخلفه هذا الانقلاب..!!

فلماذا المغامرة غير المدروسة، والمقامرة الفجة باحتياجات لا تستطيع أن تسد عُشرها.

(17)

أشارت جمعية البنوك في رسالتها إلى اللجنة المالية في مجلس نواب صنعاء إلى الكثير من المخاطر حال إنفاذ هذا المشروع، ومنها؛ توقف مصدر التمويل الخارجية عبر القروض والودائع الخارجية، وسيتبعه توقف المنح والمساعدات الخارجية في رد فعل العالم الخارجي على ما أقدمت عليه.

والسؤال الأهم هنا: هل كنت تستطيع أثناء الحرب أن تطعم خُمس شعبك لا أغلبه بوجبة واحدة وشربة ماء واحدة كل يوم، بعيدا عن المنظمات مهما كان سوئها.. قد تضطر للإذعان مُكرهاً حينما يكون المقابل موت شعبك إلا إذا كنت لا تكترث به ولا تفكر بعيشه.

أسس أولاً اقتصاداً متعافياً ومتيناً، يجنبك الاحتمالات الفاجعة، الأكثر خطراً ومأساوية، وكن جاهزاً بالبدائل الناجعة، لتجنب شعبك مخاطر كارثية لم تحسب لها حساب إلا بقدر أولئك البؤساء المتزلفين الباحثين عن مكاسبهم الخاصة، والمتصحرين علم ومعرفة.. الذين ليس لديهم علم أو دراية، ولا يهمهم أن تزيد في إثقال شعبك المثقل بكل ثقيل.

كم لديك من الوفرة، وقبلها من العملة الصعبة؟! ماذا تصدر من منتجاتك؟! إلى أي حد تستطيع أن تكتفي ذاتياً؟!

كل هذه الأسئلة وغيرها، تكفي إجابتها لتحكم بحجم الفشل الذي سيصيبك..!!
لقد فشلت الأيدولوجيات التي لا تجيب عن هكذا أسئلة.

(18)

أشارت جمعية البنوك في رسالتها إلى اللجنة المالية في مجلس النواب عن فقدان البنك المركزي لـ 78% من إيراداته خلال الأعوام 2014 ، 2015 حسب أخر تقرير سنوي صادر عن البنك المركزي..
وتثير الرسالة بعد هذه الإشارة التساؤل الآتي:

من سيقوم بتمويل البنك المركزي بالموارد التي سيفقدها حال تمت المصادقة على مشروع القانون؟؟؟!!!

(19)

أنت لن تستولي فقط على فوائد وأرباح الودائع، والتي تعود إلى أكثر من مليون مواطن يعتاشون عليها، بل تريد أن تستولي أيضا على أصولها، وتعلقها على وعود عبرت عنها بقولك “استراتيجية وطنية طويلة المدى”، وهذا يعني أنتظر لحقك إلى أن نعيده لك بعد عشرة أو عشرين عام.

فعبارة “استراتيجية طويلة المدى” “حدث فيها ولا حرج”.. تعني أن استردادها في علم الغيب، وربما ينزف عمرك، قبل أن تستعيد مالك الأصيل!!

إنه نهب وكارثة بحق شعبك؛ فلماذا تصر عليها؟!
وأكثر منها أنك تصر أن يسري القانون بأثر رجعي وهو حال لم تعرفه قوانين الدول من قبل.. سابقة لا مثيل لها..

(20)

تصور أنك تطلب من وزير الشؤون القانونية يحرم الربا أو يمنع التعاملات الربوية، فيفتح الأخ الوزير جوجل، ويضع كلمتين أو ثلاث في محرك البحث، ثم يقع نظره على قانون أعدته جماعة متشددة، ولا يعلم صاحبنا أنه قد تم التراجع عنه في هذه الدولة ـ بلد المنشأ ـ بعد خيبة وفشل، ثم تأخذه من جوجل نسخ ولصق وتقول لدي قانون يمنع التعاملات الربوية!!

كيف تثق برجال كهؤلاء لا يعون مسؤولية ولا يبالون بأي مخاطر على شعبهم مما يريدون فرضه؟!

كيف تثق أن هؤلاء بإمكانهم أن يصنعون لك قانون أو اقتصاد أو يكترثون بشعب منكوب بحكامه..؟!

ولكن بلغت الفضائح حد انحسرت فيها حساسيتنا بتكرارها، وما وصلت إليه من حد باذخ .. لم نعد نعرها ذلك القدر من الاهتمام .. نحن في زمن بائس، تصالحنا فيه حتى مع فضائحنا إلى حد التماهي.

(21)

من المخاطر التي وردت في رسالة الخمس الجهات لمجلس النواب ما يلي:

• أشارت الرسالة أنه بمجرد صدور هذا القانون سيتجه كافة المودعين إلى البنوك لاستعادة ودائعهم (وهي بمئات الآلاف من الحسابات المفعلة والمقدرة بالمليارات) تطبيقا لقوله تعالى: وَإِنَّ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (البقرة/۲۷۹)، مع عدم قدرة البنوك على السداد، وهذا بدوره سيؤدي إلى فوضى السطو على البنوك، وانتشار الجريمة، وتهديد الأمن القومي الداخلي للبلاد.

• وأشارت الرسالة ذاتها إلى أن الدولة ممثلة بالبنك المركزي باعتباره بنك البنوك وباعتباره الضامن للبنوك التجارية وودائع المودعين فيها ستكون ملزمة بصرف الودائع السابقة لمواجهة طلبيات فردية من الأفراد المودعين لودائعهم في البنوك، إضافة إلى الدين العام على الدولة، الذي يقارب ٦ تريليون وهذا العبء كبير جدا ولا يمكن للخزانة العامة للدولة معالجته لا سيما في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد من العدوان وآثاره.

• وأضافه نفس الرسالة والمكونة من ثمان صفحات، إن صدور مثل هذا القانون سيؤدي إلى انهيار المنظومة المصرفية اليمنية، أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، حيث تقوم هذه البنوك بتمويل المشروعات الاقتصادية الوطنية للقطاع التجاري؛ لأن مصدر تمويل هذه المشروعات من الودائع التي سيقوم المودعون بسحبها بسبب صدور هذا القانون والذي سينتج عنه لا شك انتقال المنظومة المصرفية ورؤوس الأموال إلى المناطق الخاضعة للعدوان، وهذا فيه تقوية للعدوان اقتصاديا، وإضعاف اقتصادي للدولة.

• وتستمر الرسالة في عرض المخاطر في حال الاستمرار والمضي في استصدار هذا القانون ومنبهة إلى أن من صور الإضرار بالمنظومة المصرفية اليمنية – الناشئة عن صدور هذا القانون هو تضرر المؤسسات المصرفية اليمنية (البنوك) التي مركزها الرئيسي في صنعاء بسبب وجود فروع لها في المحافظات خارج سيطرة المجلس السياسي، حيث سيتضرر مركزها المالي الموحد وسيحقق بالتأكيد انشقاقها عن المركز الرئيسي بالعاصمة صنعاء.

• وتشير الرسالة أيضا إلى ان بعض الأضرار المحتملة التي ستلحق بالمنظومة المصرفية اليمنية – الناشئة عن صدور هذا القانون، وهو تضرر البنوك الوطنية، بإضعاف قدرتها المالية عن المشاركة في تمويل إعادة الإعمار، مما يفتح المجال لبنوك خارجية للقيام بهذا العمل، ومنها بنوك دول العدوان والتي ستتحكم في إعادة إعمار ما سيضر ضرراً بالغاً بالبلاد.

• وتضيف الرسالة إلى أن هذا القانون سيحقق فرصة ذهبية للبنوك في مناطق خارج السيطرة لتصبح هي المراكز المتحكمة في المنظومة البنكية وعلاقاتها الخارجية مع البنوك الأجنبية واستقبال أموال المنظمات وأموال إعادة الإعمار وتحقق من ورائها أرباحا كبيرة ستحرم منها البنوك في مناطق حكومة الإنقاذ.

• وتستمر الرسالة في استعراض المخاطر إذا ما تم اصدار مشروع هذا القانون في صورته الحالية وبآثاره الكارثة على موارد الدولة من النقد الاجنبي المتأتية من حوالات المغتربين اليمنيين في الخارج، والتي تشكل معظم الكتلة النقدية بالعملات الصعبة لتغطيه حسابات البنوك المحلية في الخارج لتسديد فاتورة شراء المواد الغذائية والخدمات الصناعية والبضائع والسلع المستوردة، وستتحول تلك الحولات بالتأكيد الى البنوك خارج مناطق السيطرة، وستصبح المتحكمة في تلك الكتلة النقدية وبالتالي في الاقتصاد الوطني عموماً.

(22)

وضعك مزر، واقتصادك أكثر من منهك وفاشل إن لم يكن معدوم، والسلطة الراهنة افتقدت القدرة على مواجهة مفردة واحدة من مفردات مواجهة العقبات الاقتصادية الكأداء، وقد ألمحت إلى ذلك جمعية البنوك والتي عبرت عنها في رسالتها بقولها:

فقدان الحكومة لأدوات التحكم التي تستخدمها لتوجيه الاقتصاد وسياساتها المختلفة: المالية والاستثمارية والتنموية، وللتحكم بالمتغيرات والمؤشرات الاقتصادية المختلفة مثل التضخم والإنفاق والاستثمار والدخل، والمعتمدة على معاملات ستصبح محرمة بمشروع القانون الحالي.

(23)

اشتركوا بمؤتمر الحوار، وقدموا فيه رؤية بدت جاذبة ومشجعة أكثر من غيرهم، ثم ما لبثوا أن انقلبوا على تلك الرؤيا التي تم تقديمها من قبلهم لا من غيرهم.

أعلنوا ثلاثة مطالب، وكانت ضمن هذه المطالب تنفيذ مخرجات ما سمي بالحوار الوطني، ثم انقلبوا على ذلك المطلب الذي أعلنوه هم أنفسهم.

أتفقنا معهم على سبعة أهداف مشتركة تجمعها، وميثاق شرف ملزم اخلاقيا لجميعنا، وكان ذلك الميثاق، وتلك الأهداف المشاركة تحت عنوان ثورة ضد الفساد، فانقلبوا وتنكروا لكل شيء.

أعلنوا مع غيرهم اتفاق السلم والشراكة، ثم انقلبوا عليه، ولا أدري نسبة مشاركة خصومهم في هذا الانقلاب.

أعلنوا عن ما أسموها “رؤية وطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة”، وظلوا يروجون لها، ويحدثوها لسنوات، ثم انقلبوا عليها بما سميت “مدونة السلوك الوظيفي”.

واليوم ينقلبوا عليها ثانية فيما سمي بمشروع منع التعاملات الربوية الذي يتصادم مع الرؤية في محاور عدوة منها الأداء المالي وتعزيز الثقة في الاقتصاد اليمني من خلال النشاط الانتاجي وبرامج التمكين الاقتصادي واطلاق السوق المالي في اليمن، وتشجيع الاستثمار، وتشجيع البنوك للإسهام والتعافي الاقتصادي ودعم التنمية بالتركيز على تمويل المشاريع المتوسطة والصغير والأصغر عبر المبادرات المذكورة في الرؤية..

وكل هذا كانت قد أوضحته بالتفصيل “جمعية البنوك اليمنية” في رسالتها المكونة من 19 صفحة والمؤرخة في 22 شعبان 1444 هـ والموجهة إلى اللجنة المالية.

كل هذا لا يعني أن خصومهم أفضل حالاً وأهمهم من ساعدوا أو أدخلوا بلدنا تحت البند السابع!!

وأشارت الرسالة إلى أن إصدار مثل هذا القانون سيؤدي إلى هروب جزء كبير من الأموال المحلية الى خارج مناطق السيطرة والى خارج الوطن، وهذا يمثل كارثة وخسارة كبيرة في ظل الظروف الصعبة والتي تسعى بكل جهد الدولة والقطاع الخاص والبنوك لاستثمار كل المقدرات المالية المتوفرة للاستثمار المحلي الوطني.

(24)

هذا هو نفسه وزير الشؤون القانونية الذي استنسخ القانون كما هو دون تغيير أو تبديل ليقول لنا: هذا مشروع منع التعاملات الربوية.

في الدستور نص صريح بتقرير حق المتضرر في اللجوء إلى القضاء .. غير أن اللجنة المكلفة بدراسة اشكالات واختلالات أراضي وعقارات الدولة والصادر تقريرها تحت توقيع رئيس اللجنة وزير الشؤون القانونية في حكومة صنعاء جاء في نص توصية له:

” مطالبة مجلس القضاء الأعلى بالتعميم على المحاكم في الجمهورية بمختلف درجاتها بعدم قبول أي دعاوى تملك يكون محلها جبال أو شواطئ أو صحارى”.

والقضاء أيضا يضع نفسه حيث يشاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى