لنتحد من أجل احمد سيف حاشد
برلماني يمني
أ. د حمود العودي
في كل أمة، هناك رموز لا تُنسى، رجالٌ نساء يمضون حياتهم وهم ينحتون في الصخر بأظافرهم، يُشعلون دروب الحرية بدمائهم، ويزرعون الأمل في نفوس الشعوب التي طالما قُهِرَت.
من هؤلاء الرموز، البرلماني الثائر، الحقوقي النبيل أحمد سيف حاشد، الذي حمل قضية اليمن في قلبه كأنها حياته الخاصة، ولم يساوم يومًا على مبادئه أو يهادن الظلم، حتى حين تكالب عليه القمع والقهر من كل اتجاه.
منذ أن عرف نفسه، عرفناه نحن كمدافع شرس عن حقوق الناس، وكاشفٍ للظلم في مواطنه المستترة، ومعارضٍ صلب لكل القوانين الجائرة التي حاولت الأنظمة تمريرها خلسة.
لم يكن أحمد سيف حاشد نائبًا تقليديًا أو سياسيًا عاديًا، بل كان شعلة تمردٍ على كل ما هو زائف، وسندًا للمظلومين حيث لا سند.
وقف في مجلس النواب اليمني كقلبٍ نابضٍ بالحقيقة، لا يخشى في قولها أحدًا، ومضى في دربٍ محفوفٍ بالأشواك، مستمسكًا بمبادئه مهما كلفه الأمر.
كان من طليعة المناضلين في ثورة فبراير الشبابية السلمية، أحد أولئك الذين صدحوا بالحرية في زمن الخوف.
لكنه لم يكن ثائرًا بالهتاف فقط؛ بل ثائرًا بالفعل، بالجهد، وبالإرادة التي لا تلين. عرف القمع، وذاق السجون، وعانى الأمراض.
لكنه ظل شامخًا كجبلٍ لا تهزه الرياح، مؤمنًا بأن نضاله هذا ليس اختيارًا بل واجبًا، وأن ثمن الحرية ليس مالًا ولا عقارات، بل حب الناس ووفاءهم.
واليوم، يقف احمد سيف حاشد على حافة الخطر، يعاني من أزمة صحية حادة تهدد حياته، وسط تجاهل مؤلم من السلطات وزملاء النضال، إلا من قلة قليلة، كان أبرزها المناضلة النبيلة توكل كرمان، التي لم تنسَ رفيق الدرب، وأثبتت أن الوفاء في النضال ليس شعارًا، بل التزام أخلاقي وإنساني.
لكن.. هل يكفي أن تظل مسؤولية إنقاذ الرموز الوطنية على عاتق فرد أو قلة؟ أين الأمة التي ناضل لأجلها؟ أين صوت الشعب الذي مثّله بشرف في أشد الظروف قسوة؟
صدقوني .. إن الأمة التي تترك رموزها تموت بصمت لا تستحق التضحية في سبيلها.
فالرموز ليست مجرد أسماء في ذاكرة التاريخ، بل هم حجر الأساس الذي بنيت عليه تطلعات الشعوب، فحين نغفل عنهم، نخسر قيمتنا كأمة، ونغرق في براثن النكران والخذلان.
اليوم، يجب أن ننادي بكل صوت، أن نُطلق حملة وطنية جامعة لإنقاذ أحمد سيف حاشد، ولإعادة الاعتبار لكل الرموز الوطنية التي بذلت أرواحها وصحتها من أجلنا، ليس فقط من أجلهم، بل من أجلنا نحن، كي لا نقع في خيانة القيم التي حملوها /وحملنها على أكتافهم.
فلنتحد من أجل أحمد سيف حاشد، ومن أجل كل صوت حر، وكل رمز نبيل، ولنُثبت أن اليمن ليست وطنًا ينسى أبناءه، بل وطنٌ يعترف بفضلهم، ويرد لهم الجميل. لأنه إن لم نفعل، فسيبقى السؤال معلقًا في الأفق: هل نستحق حقًا كل هذه التضحيات؟