كتبوا عنه

عن.. المثقف المنهزم -محمد اللوزي

فيما الوطن على مفترق طرق وعرة، والقضية الوطنية على المحك والبلاد تعاني القهر والتخلف والتجهيل واشتداد الفقر وفعل المؤامرات التي تلحق افدح الضرر بحاضر ومستقبل الوطن. نجد بالمقابل (الإنتلجنسيا) الثقافية تعيش قضايا هامشية بعيدة تماما عما يجب القيام به كواجب نضالي وطني.

في كل بلاد العالم وعبر التاريخ، تتصدر النخبة للدفاع عن الوطن وتقف موقفا نضاليا يجسد قيم الإنتماء الوطني ويحقق الروح الوطنية العليا لدى الجماهير، وتندمج مع المجتمع وتكشف الواقع ومعوقات التحولات المهمة وتواجه قوى انتهازية ومستغلة وسلطات القمع، وتفرض تحولات مهمة في مسار الحياة. وحتى في بلادنا كان للمثقف اليمني ريادته وحضوره الفاعل والكبير في صياغة مستقبل افضل الى وقت قريب، وفي سبيل ذلك تعرض للقمع والتنكيل والتشريد والسجن والاغتيال، وظل مع كل ذلك حاملا هموم الجماهير وقضايا الوطن المصيرية.

لكننا نجد اليوم النخبوي متقوقعا على ذاته، اشبه بالمدجن عاجزا عن الفعل التنويري، ويعيش قضايا هامشية لاترتقي الى ماهو مطلوب منه اليوم من مواقف مصيرية في معترك التحديات. الوطن اليوم يتعرض لاخطر مؤامرة من قبل نادي الأغنياء دول الخليج، ويستلب وجوديا كما هو حضاريا، ويعيش حالة ارتهان غير مسبوقة في التاريخ القديم والحديث والمعاصر. ويتعرض لمخطط يستهدف تمزيق لحمته وكيانه ويفقده القدرة على النهوض. ومع كل هذا لانجد تفاعلات حية لمواجهة كل ذلك لكشف ابعاد المؤامرات من قبل المثقف الذي يفترض كما قال عنه (غرامشي) عضويا ان يكون مندغما مع المجتمع في قضاياه، ومناضلا صلبا ضد القوى الإستبدادية القمعية.

مانراه اليوم هو مثقف منكسر مهزوم منكفيء على ذاته او شاهد زور في بلاط السلطان. ولعل مثقف السلطان اليوم هو الاكثر بروزا وحضورا وفاعلية بما يمتلكه من امكانيات وتسهيلات تمكنه من القدرة على التبرير لثقافة الاستبداد واعتقال العقل وتمكين التخلف من القبضة الحديدية على كل صوت يخاطب العقل والوجدان.

محنة المثقف اليوم أنه بين نارين، نارالأستبداد وفعل المؤامرة، ونار العوز والفاقة والحاجة التي يعجز معها ان يقدم رسالته. هذا لايعفيه من خوض غمار التحديات كماهو حال المثقف المنتمي في كل بلدان العالم. مانشاهده اليوم اننا امام قضايا تلفيقية يقدم عليها المثقف ويفتح افقا بائسا له، فيما وطنه قاب قوسين من هزيمة مؤلمة وقاسية.

هذا يعني ان جبهة الثقافة الحقيقية معطلة، مخترقة، مصابة باحتقانات عدة، المناطقية والحزبية والسلطوية، جميعها تعيق المثقف التنويري من اداء رسالته في خلق رؤى وتصورات تشكل رافعة للقضية الوطنية، وهي تتعرض لأخطر مؤامرة داخلية وخارجية وبتكاتف قوى استبدادية وخيانية.

اليوم تأخذ قضية (ابو بكر ومحمد عبده) على سبيل المثال جدلا او سع من وطن يضيق بنا، ونذهب الى مجالات يدفعنا إليها مروجو الخديعة ويشغلنا عن قضايانا المصيرية مجاميع تشتغل على التحريف، وتضييق مساحة الراي، وتفاعلات المجتمع مع ماهو ملح وضروري.

في المقابل يتعرض مناضل حر ومثقف ملتزم لقضايا وطنه منافح عن الإنسان وحقوقه ويواجه الاستبداد كماهو النائب (احمد سيف حاشد) لمضايقات وتهديد بالقتل ولانجد تفاعلات المثقف بحجم هذا الأذى الذي يمس الضمير الثقافي والإبداعي في الصميم.

ومن يتابع الجدل الثقافي يخلص الى ان المثقف العضوي بات مشلولا وعاجزا من ان يكون فاعلا امام قوى اللامنتمي، من تخترع قضايا هامشية تصيبنا بالهزيمة وعدوى الإنجرار الى ماليس ضروريا. في حين الوطن يتعرض لأكبر واخطرمؤامرة تجره الى الشلل التام. حيث يسدل الستار على الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية والمستقبل المنشود. ليحل بدلا عن ذلك الظلام يشترك فيه مثقفو صناعة الازمات وازلام السلطوي. وهذا امر مخيف حقا، مالم يجد المثقف لنفسه موقعا رياديا يكون فيه مناضلا جسورا يوحد امكانياته، وهو يناضل ضد المخطط الذي يلحق افدح الضرر بالوطن ونراه واضحا لايقبل المهادنة والمساومة والانكفاء

محمد اللوزي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى