تغاريد غير مشفرة

تغاريد غير مشفرة .. استهداف المعلم وتدمير التعليم

برلماني يمني

أحمد سيف حاشد

(1)

لماذا المعلم يا سادة؟!
لماذا لا تشكو اللجنة الاقتصادية العليا ومعها حكومة صنعاء من عدم توفير الإمكانيات للمراكز الصيفية لأكثر من نصف مليون طالب، بكل تكاليفها الباهظة، فيما يتعذر توفير راتب المعلم؟!

لماذا يا لجنة اقتصادية ويا حكومة “إنقاذ” تتوافر الأموال الطائلة والسخية للدورات الثقافية تباعاً، والتي تستهدف كل المجتمع بالأدلجة، فيما تمتنع عن توفير راتب أو حافز للمعلم؟!

لماذا تتوفر للمدارس الثانوية المؤدلجة كل الإمكانات الباذخة من المبني إلى السكن إلى الكتاب إلى المعلم إلى التغذية، فيما يتم الامتناع عن توفير راتب للمعلم، والكتاب المدرسي للطالب؟!

لماذا يا حكومة ويا لجنة اقتصادية تتوفر كل الإمكانيات للأعياد والمناسبات الفئوية وما أكثرها، من المال العام، وخلافا للقانون، ولا يتوفر للمعلم مرتب أو حافز، وللطالب كتاب مدرسي؟!

لماذا ما يجب توفيره على نحو مجاني من قبل الحكومة، يتم تسليعه على نحو تشتد وطأته على الفقراء والمعدمين والموظفين المقطوعة رواتبهم؟!

لا تستقيم معادلة أن تأخذ من المواطن كل شيء من جبايات وضرائب وجمارك ورسوم ونحو ذلك، فيما لا تلتزم السلطة أو اللجنة الاقتصادية العليا أو حكومة “الإنقاذ” بتقديم شيء يستحق الذكر، أو حتى لا يستحق.

إنها معادلة معتلة ومختلة يا سادة..!!
والمستهدف فيها التعليم وأوله المعلم

(2)

عندما تريد المعلم يعمل مرغماً دون أن تطعمه فإنك قد أثقلت العصر بعبودية لم يعرفها التاريخ من قبل.
حتى العبيد في عهد العبودية كان يتم اطعامهم !

(3)

نحن نؤيد ونساند المعلمين وكل الموظفين المقطوعة رواتبهم في مطالبهم الدستورية والقانونية..
هل يوجد أعدل من هكذا قضية؟!
لا أظن أن هناك قضية أعدل منها بعد صبر ثمان سنوات عجاف..

لا أسوأ من ثمان سنوات عجاف إلا طلاق الراتب، وإطلاق الأعذار، وتهرب القادرين على حلها من المسؤولية، وتجردهم من الإحساس بضحاياها.

(4)

الراتب بوابة أولى للكرامة والعزة..
الراتب لقمة عيش غير مغموسة بإذلال وهوان..
لماذا تمارسون ساديتكم على بطون المعلمين وأرواحهم..
صورة حزينة ومؤلمة لأستاذ خاوي البطن ومن غير أحذية..
خارطة من الحسرة والألم في تفاصيل بقايا وجه ذابل ومنهك..
الصورة عار على من جرد المعلم من راتبه وحقوقه..
الصورة تحكي مدى التعسف والإذلال الذي طال المعلم ثمان سنوات ثقال.
حكاية مؤلمة عن إهدار كرامة الموظف والمعلم والإنسان من قبل سلطات الأمر الواقع هنا وهناك.

(5)

‏لم تعد تجدي الأعذار والمسكنات وترحيل قضايا الاستحقاقات الملحة إلى وعود كاذبة.
لم يعد مشجب العدوان أو رمي الاتهام على الطرف الأخر قادرا على تحمل مزيد من الوهم والأكاذيب.
الأن موضوع الرواتب صار يفرض نفسه كأولوية لا تقبل التأجيل.

(6)

وفد يأتي إلى صنعاء ووفد يغادر لم يعد محل اهتمام الموظفين المقطوعة رواتبهم بسبب العلك المستمر والخيبات المتكررة لهكذا خبر.

(7)

رغم التمترس بألا شيء
أثق إن الأمور ستنتهي إلى شيء
إضراب المعلمين فاصل زمني مهم في المسار الحقوقي..

(8)

يبدو أن هناك مركز أو مراكز مالية، ومصالح لا يريدوا مسها أو إنقاصها..
يريدون دفع ما تيسر من رواتب المعلمين، ولكن من جبايات جديده يدفعها المواطنين باسم صندوق دعم المعلم.
لا توجد أزمة ولا مصيبة ولا مشكله إلا واستفادوا منها.
ويظل المواطن دوما عند سلطات صنعاء هو الجدار القصير.

(9)

سألت وزير المالية في جلسة منعقدة لمجلس نواب صنعاء:
هل أنت تستلم راتب؟
هل تستلم حوافز ونثريات وبدل سفر وغيرها من المسميات؟!
لماذا أنت تستلم والمعلم لا يستلم راتبه؟!
لماذا أنت تستلم والموظف لا يستلم، بل وتريد أن تُذعنه يعمل دون أجر أو راتب؟؟!!!

لم يجب معالي الوزير على هذه الأسئلة التي تنبعج بالوجع.
من أين يجيب وأي منطق أو عدالة تسعفه على الجواب؟!!!
ما يحدث في الواقع يفوق كل تصور وخيال؟!!!

في هذه الأسئلة تكتشف وجه السلطة المريع والوجه الدميم لرجالها؟!
إنه العار كله..
سلطة ورجال لا يستحون..
ولا يندى لهم خد أو جبين.

(10)

عضو مجلس النواب محمد البرعي أشار في جلسة منعقده للمجلس إلى أن نسبة خمسة في المائة فقط من المعلمين الذين يداومون ويقومون فعليا بالتدريس.

فيما أشرتُ إلى إضراب المعلمين وضرورة إيجاد حلول سريعة وعاجلة بشأن رواتب المعلمين، مستشهدا بولي أمر طالبة نشر إن ابنته تلقت ثلاث حصص فقط خلال أسبوعين.

(11)

اسبوع إلى اليوم مع الحكومة ولم تكشف لنا الحكومة رقم موازنة أو ميزانية واحده خلال ثمان سنوات طوال.

ولذلك من الطبيعي إن يتم رميكم والذي يساندكم من وراء حجاب بكل تهم الدنيا، وأولها تهم النهب والفساد.. أم كنتم تتوقعون غير ذلك؟!!

رفضكم الكشف للشعب عن الموازنات والميزانيات لثمان سنوات طوال يؤكد تلك التهم، فإن كنتم تدعون غير ذلك، أعلنوا لنا وللشعب الموازنات والحسابات الختامية لثمان سنوات خلت.

(12)

قال: نستطيع دفع ثلاثة مرتبات لا مرتب واحد من فوارق أسعار المشتقات النفطية فقط

للأهمية أعيد ما نشره الرفيق القاضي عبدالوهاب قطران عن الـ 180 مليار فوارق أسعار المشتقات الشهرية لاسيما الديزل والبترول حيث كتب:

” كنت انا والرفيق احمد سيف حاشد ،في رمضان الماضي معزومين عشاء لدى رفاق اعزاء من قبيلة حاشد الابية، وقيلنا عندهم ،واثناء المقيل احتدم النقاش عن حقيقة الموارد وهل لدى سلطة صنعاء قدرة على دفع المرتبات؟!!

وكان مقيل معنا ‏عضو لجنة ثورية عليا من قيادات الجماعة، وتم التواصل مع مجموعة من تجار النفط، واصحاب المحطات، حيث سألهم عضو اللجنة الثورية:
كم نستورد ونستهلك باليوم ديزل وبترول بمناطق سلطة صنعاء.
أجابوا 170 الف برميل.
اخذ الألة الحاسبة، وقلم ودفتر، وشرع بالحساب امامنا.
واضاف سؤال اخر للتجار كم التكلفة الحقيقية للدبة؟؟‏
وكم تكلفة الضرائب والنقل والربح المعقول؟؟
فأجابوا: يطلع سعر الدبة البترول او الديزل بـ 4500 ريال، والدبة تباع بالسوق هنا بـ 9500 ريال.
قام بحساب الفوارق، فبلغت باليوم 6 مليار ريال ، وبالشهر 180 مليار ريال.
فذهل وقال نقدر ندفع ثلاثة مرتبات بالشهر الواحد لكل موظف ، وما نحتاج نجلس نفاوض على المرتبات

(13)

عندما أبلغوني بطلب سحب الحصانة البرلمانية أسعدني القاضي الشاعر عمر الهمداني في التعبير عما يجوس في صدري حيث قال:
لا تذهبوا تطلبوا منهُ حصانته
ما كان يوما يبالي بالحصاناتِ
كم قد دنت نحوها من قبلكم دولٌ
لكنها انجرفت في سيله العاتي
أرى حكومتكم تدنوا إلى رجلٍ
هو النهاية في عُمْرِ الحكوماتِ

(14)

سألت وزير العدل بشكل شخصي عن صحة الاستمارات التي تم تداولها بخصوص الطلبة المتقدمين للمعهد العالي للقضاء وضرورة تزكية مدير ومشرف المديرية فأجابني بعدم صحة ما ورد.

كررت طرح الموضوع في جلسة رسمية ليسمع الناس ما أكده لي على نحو شخصي، غير أنه تجاوز السؤال ولم يرد عليه، الأمر الذي أثار ارتيابي..

وعندما خرجت تأكدت من صحة وجود الاستمارة ورغبة أدلجة القضاء ابتدأ من الاستمارات وترشيح المشرف ومدير المديرية لمن يرغب الالتحاق بالمعهد العالي للقضاء.

الأيديولوجية تقوض كل شيء وتهدم استحقاقات المواطن وأولها المواطنة.

***

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى