تغاريد غير مشفرة .. استحمار ومرتبات وطرق وأحمال كاذبة
برلماني يمني
أحمد سيف حاشد
(1)
نحن لا نشطح ولا نزايد ولا نبالغ، بل ونؤكد أننا لسنا مجانين، ولا “ملبوقين” ولا غير ذلك مما يجري توصيفنا به حالما نحاول افهامكم ما بلغه شعبنا المنكوب من إنهاك وإذلال وعبودية..
فقط نريد أن نبلغكم أن شعبنا منهك للغاية، والواقع ثقيل جداً، وقد بلغ الأمر أوجه، وصار فوق طاقته وقدرته على الاحتمال.
مطالبنا يا سادة مثل مطالب شعبنا .. مطالب بسيطة ومتواضعة جداً ويسيرة عليكم، ونحن نعرف هذا تماماً، وإلا لما تفوهنا ببنت شفة.
نناشدكم هنا أن تكفّوا عن مزيد من إفقار شعبنا، ودعونا نشعر على الأقل أن ثمة سلام قادم، وأن الحرب وضعت أوزارها، وأن هناك تحسن نسبي في أحوال المواطنين الذين صبروا على كل شيء ثمان سنوات طوال، وأعلموا أن من صميم حقهم أن يأملوا أن هناك تحسن ملحوظ في معيشهم، ويستطيعوا الحصول على لقمة عيش كريمة غير مغموسة بإذلال.
توقفت الحرب تقريباً باستثناء القصف اليومي الذي يطال مديريات محافظة صعدة، غير أن الجبايات مازالت تشتد وتستعر وتثقل الكواهل، وكأن الحرب لازالت في أوجها.
تم رفع الحصار عن ميناء الحديدة، وصارت المشتقات النفطية تدخل بسهولة ودون “دمرج” أو إعاقة، غير أن الأسعار لم تشهد ما يقابل ذلك من انخفاض كان يفترض أن يكون كبيراً وكثيراً بعد صمود أسطوري لا تقوى عليه الجبال الراسيات.
تراجعت الحرب أو تكاد أن تكون متوقفة بهذه الدرجة أو تلك، غير أننا لم نشهد تراجع عن زمن الحرب على مستوى معيشة المواطن .. لم نشهد تراجع أو تحسن يستحق الذكر .. مازال شعبنا ينزف كل يوم وهو يدفع دم قلبه فارقاً للسعر المتغوّل والمهول .. الفارق الذي لا نعرف إلى أين يذهب، وأي ثقب أسود قادر أن يبتلع كل ما هو باذخ ومهول..!!
الكهرباء لازالت في أعاليها ترفض نزولها إلا بقدر لا نراه حتّى بمائة عدسة مكبرة. ماذا يعني الـ 15 ريال للكيلو وات من سعر يسحق شعبنا كدكاكة..؟!! خمسة عشر ريالاً كل ثلاثة أشهر وأكثر، هي في تقديري أبطأ من سير السلحفاة، ولا نعلم متى نصل بهذا الإيقاع إلى ما هو عادل..!! صبر شعبنا ثمان سنوات عجاف، ولا ندري في أي عام سنصل إلى سعر عادل يليق بصمود شعبنا الذي يجري إذلاله بإمعان. لم نعد ولم يعد شعبنا يحتمل المزيد.
وقس على هذا وذاك في كل التفاصيل..!!
الخلاصة شعبنا منهك ويهلك .. شعبنا يستحق منكم على الأقل رد قليل من جميل كثير جحدتموه، ولا زلتم تجحدوه إلى اليوم، وتثقلوه بمزيد من الإذلال والجبايات والفاقة والجوع .. كفوا عن استحمار شعبنا حتى لا تجدوه قيامة عليكم ذات يوم أظنه يقترب.
(2)
هدنة بدون هدنة .. وهدنة للاتفاق على هدنة..
“سلام” مشوي بالهدن .. ومرتبات تفحمت من كثرة لتوتها وانتظارها.
وزيادة في الجبايات معلنة وغير معلنة تطالنا بمزيد من الفاقة والعوز والندم.
هدن معلنة وغير معلنة ندفع دم قلوبنا ولم ننال منها حق أو سلام.
يأزف الوقت دون أن يتم إيقاف نزيف شعبنا ومعاناته التي تزداد وتشتد، وتستمر الوعود الزائفة، ويستمر تكرارها دون أمل أو جديد .. الجمعة هي الجمعة والخطبة الخطبة، وديمة خلفنا بابها، فيما يحصد شعبنا مزيد من اليأس والقرف والأحمال الكاذبة.
(3)
يبدو أنه لن يتم دفع المرتبات
ولن تفتح الطرق على الأقل في المدى المنظور
لماذا..؟!
سؤال يكشف جوابه دمامة التسلط وقبح الوجوه.
صارت جميع أطراف الحرب تستسهل الشعب وواثقة أنه لن يحرك ساكنا.
شعبنا فقط يصبر
(4)
مما مضى من مفاوضات، ومعها الجارية اليوم تمعن في مجملها، وتتعمد على نحو بالغ وأكيد في تحقيق مزيد من إنهاك شعبنا وتدميره، وتعميق تمزيقه، وتكريس مخرجات الحرب البشعة، لتكون هذه المخرجات الكارثية أساسا للحاضر والمستقبل الذي يريدوا فرضه على شعبنا المنكوب بهم على الدوام.
(5)
من لم يفهم ولم يتعلم بعد ثمان سنوات طوال، وبعد كل هذا الانكشاف المريع الذي نراه اليوم شاخصا وبارزا للعيان، لن يفهم ولن يتعلم بقية عمره، لاسيما وقد بلغ ما تم هدره كلفة وطن.
(6)
من لم يستطع انتزاع القليل لصالح الوطن قطعا لن يستطيع انتزاع ما هو أهم وأكبر.
كل ما تستطيع فعله أطراف الحرب المحلية هو تنفيذ أجندات الخارج في تمزيق وتوزيع اليمن، وضرب مصالح الوطن الكبرى، ونهب مقدرات شعبنا واستنزافه، واثقاله بمزيد من الفقر والجوع والمجاعات، والمساومة بحقوق شعبنا والوطن لصالح المصالح الضيقة لتلك الأطراف الصغيرة بالغة الأنانية والتفاهة والقرف.
(7)
جميع أطراف الحرب الداخلية وما قامت وتقوم به اليوم هو تنفيذ أجندات الخارج بعلم أو بدون علم على حساب الوطن الذي أسهموا مع غيرهم في وصوله إلى ما وصل إليه من حرب وتمزيق ونهب وجوع وتفريط، بل وكوارث بلا عدد، وجحيم لا ينتهي.
(8)
نحن بصدد محاولة ترحيل ما هو إنساني من مرتبات وفتح طرقات وتوحيد البنك والعملة والانتقال إلى الشأن السياسي ونظام الحكم؟!!
إن صح هذا فإنه يعني ترك ما يخص الشعب في كل ما ضروري ومهم إلى ما يخص تأمين غنائمهم في اقتسام وتوزيع اليمن بينهم، وتغيير نظام الحكم وشكل الدولة.
منكوبون بهم، ومنكوبون بالحرب التي اشعلوها، ومنكوبون في مفاوضات لازال يحرص أطرافها ومن يقف وراءها على استحقاقات الحرب والغلبة في كل مجمل وتفصيل، وتأمين ما آل إليهم من غنائم الوطن المنكوب، وترحيل قضايا الشعب الملحة والعاجلة والمتعلقة بعيشه وقوته إلى موعد آخر حتى يتقرر أيضا حصة أطراف الحرب منها.
(9)
بشأن موضوع المرتبات مصدر خاص في خارجية صنعاء قال لشبكة الملصي: العدو السعودي يستخدم ملف المرتبات وسيلة لابتزازنا لتقديم تنازلات تمس الكرامة، كما يحصل في المحافظات المحتلة.
ونحن نقول:
لا تخضعوا للابتزاز وصوناً للكرامة ودفعاً للابتزاز اصرفوها من مهول ما يتم جبايته.. هذا إن صدقتم.
لستم مضطرين للتنازل ولا نحن مضطرين للانتظار الكذوب.
يريدون أن يقولوا لنا في أول يوم محادثات في أول يوم دوام: لا توجد رواتب..
افهموها.
(10)
سرية المفاوضات ليس من أجل نجاحها
ولكن للحيلولة دون انكشاف مواقفهم فيها
(11)
عندما نرى أبواقهم الإعلامية تشتد على أمريكا وتسكت عما تشهده مديريات محافظة صعدة من قصف مدفعي يسفر عن ضحايا وجرحى كل يوم.
وأكثر من هذا يتحدثون عن المعرقل الأمريكي في المفاوضات فيما هم يتفاوضون مع السعودية وهي المعنية والتي باتت تتحدى أمريكا في سياسات وإجراءات اقتصادية جريئة وغير مسبوقة بل ومصادمة على نحو صادم مع المصالح الأمريكية.
كل هذا يشعرني إنهم زاردين حاجة، أو أن عيونهم على غنيمة ما يجري التفاوض بصددها تحت الطاولة على حساب حقوق واستحقاقات شعبنا ومستقبله.
هل أنتم تشعرون معي بهذا أم أنا أتوهم فقط ما ليس له أساسا من الصحة والوجود؟؟!!
(12)
في صنعاء عيد للعمال
والعمال بدون رواتب
مأساة أم وبال وكارثة
(13)
كثير من الرسائل يوجهها شعبنا للسلطة هنا أو هناك.
وفي المقابل يدفع كلفة كبيرة لإيصالها
فمن لم يفهمها اليوم أو يدير لها قفاه
سيأتي يوم ويفهمها على نحو أكيد
أو تصل إليه صادمة.
ولكن بكلفة ثقيلة على تلك السلطة وأربابها، ربما تبلغ بها حد الزوال، وبعد أن يكون قد فاتها القطار، وانتهت أمامها كل الفرص التي عبثت بها فيما رحل، ودون أن تستفيد من واحدة؛ فترحل هي بذاتها وأربابها دون عودة أو إياب.
(14)
ليس التاجر “الكبوس” حتى لا تصير “مصائب قوم عند قوم فوائدُ” بل أجد في طليعة الأسباب المسؤولة عمّا حدث من كارثة الصدقة في مدرسة معين، والتي يتغاضى ويهرب المعنيين من مواجهتها إلى أي مشجب آخر، وعلى رأس تلك الأسباب التالي:
1- انقطاع الرواتب واستمرار هذا الانقطاع لسنوات خلت، وتخلّي سلطة الأمر الواقع عن مسؤوليتها في التصدِّي لها.
2 – اتساع رقعة الفقر وما يوازيها من سياسات إفقار شعبنا، وهي سياسة فادحة النتائج، تشترك فيها ويجري ممارستها وتكريسها من قبل جميع أطراف الحرب داخلية وخارجية دون استثناء.
3- البطالة الكبيرة والتي تتضاعف باستمرار الوضع الراهن وتفاقمه دون وجود أي جهود او حلول أو معالجات للتخفيف منها أو من آثارها أو حتى إيقاف تضاعفها.
4 – عدم شعور سلطات الأمر الواقع بأي مسؤولية ناحية شعبها، وتحللها من أي التزامات أو واجبات اقتصادية أو خدمية حيال هذا الشعب المنكوب. فيما تلك السلطات تمعن في الجبايات التي تضاعفها وتمنح متحصليها نسبة مجزية منها تجعلهم يضاعفوها على حساب حياة شعبنا الذي يعيش مزيداً من الفاقة والجوع والعوز.
5- غياب أي سياسات توقف التدهور المعيشي لشعبنا أو حتى إيقاف ما هو متفاقم ومريع ومستمر، وفقدان الريال لقيمته الشرائية، وزيادة الأعباء المعيشية التي تثقل كاهل شعبنا على نحو مستمر وثقيل.
عدم الوقوف على هذه الأسباب يعني مزيد من الهروب عن استحقاق ضروري وملح للغاية لصالح شعبنا، وتخلِّي عمّا يجب أن يحدث أو يتم القيام به.
(15)
نزلتُ إلى بوابة مدرسة معين ثم ذهبت إلى مستشفى الثورة..
وصلتُ قبل وصول المشرف خالد المداني
٧٨ حالة وفاة وهو عدد مرشح للزيادة وأكثر من ٧٢ جريح وعدد من الحالات الحرجة بعضها في غرف العمليات
حالات الاختناق كثيرة، وبعضها اصابات مختلفة وكسور.
السبب فتح بوابة المدرسة والتكوم والتدافع الكبير إلى الدخل والانزلاق من الدرج في البوابة..
لا صحة لما أوردته بعض المصادر أن ما حدث بسبب ماس كهربائي.
ثلاجة المستشفى امتلأت بالجثث وتم التوجيه لمستشفيات أخرى باستقبال الجثث..
الضحايا فقراء ومعدمين يبحث كل واحد منهم على خمسة ألف ريال.
وصول بعض الحالات إلى المستشفى ووجوهها شديدة الزرقة والسواد.
رئيس هيئة الزكاة بتوجيه زعيم أنصار الله منح مليون ريال لكل حالة وفاة، ومائتين الف ريال لكل جريح بالإضافة إلى تكاليف العلاج والمستشفى.
خالد المداني نقل تحيات السيد القائد والرئيس المشاط للجرحى والعزاء لأسر المتوفين.
(16)
شاهدتُ على أسرّة إحدى غرف مستشفى الثورة طفل عمره في حدود الـ 15 سنة يشكو من بطنه وحوضه، وآخر كان في حاله أفضل، وثالث يبدو أنه مهمش، وحالته كانت أكثر سوءاً، وعندما أراد أمين عام مجلس الوزراء أبو راغب إن لم تخني الذاكرة، وهو شخص طيب وصاحب ذوق ويعرفني من سابق، حاول أن يناولني ظرف فيه نقود أعطيها لهذا المهمش، ولكن حال شخص أخر من المتواجدين دون ذلك، وأخذها من أجل التصوير وهو يعطيها المصاب.
وعند وصولي إلى بوابة مدرسة معين في الشارع المقابل وجدت مراسل قناة فضائية يلح على نحو ثقيل بأخذ تصريح، كاد يلاحقني لولا هروبي منه، بعد أن رفضت أن أدلى بأي تصريح كونني واصلاً للتو، ولا توجد لدي أي معلومات عما حدث.
وعندما انتقلت إلى بوابة المدرسة التي كانت مغلقة، وتوجد أمامها سيارة شرطة، وفيما أنا أسأل عمّا حدث، أدركني المراسل مع امرأة حادة الطبع وفجة في الكلام لتتحدث إلى المراسل في وجهي أنها تعرفني، وأنها تسمع عني في الراديو والتلفزيون، وأنني خائن وعميل وأعمل ضد الوطن..
أظن لا تفعل هذا إلا قناة “الهوية”.
(17)
حقيقة أم مصادفة..؟!!
حالما لفتت نظري الليلة المرأة التي تحدثت لقناة المسيرة والتي يحاول مضمون كلامها تحميل المسؤولية للتجار، أن صوتها مقارب إن لم يكن نفسه للمرأة التي هرعت مع مراسل القناة اللذان لاحقاني اليوم الأول ليتم التصوير وهي تتهمني باني ضد الوطن ومعارض وخائن .. إلخ
(18)
ستأتي
ولكن من حيث لا تظن
ولا تحتسب..
(19)
أطالب بإطلاق سراح الدكتور مصطفى المتوكل و كل الأبرياء المظلومين المعتقلين على ذمة الحرب. والذين أثبتت كشوفات تبادل الأسرى عدم انتمائهم لأي طرف كما أنهم ليسوا في حسبان كل الأطراف.
(20)
التويتر أكثر أماناً وحرية من الفيسبوك.
الفيسبوك مثقل بالقيود والانحياز، وأكثر منه ملغوم، وعليك أن تحتاط وتحتمل في أي لحظة يصير حسابك وما فيه من جهد السنين الطوال عدما وبددا.
تلك خلاصة أكثر من 12 عاما من التعامل والتعاطي المستمر مع تويتر والفيسبوك.