تغاريد غير مشفرة .. من حقوقنا المنتهكة..!!
برلماني يمني
أحمد سيف حاشد
(1)
لماذا “المليحة” يقطعوها في الطريق فيما “الخيبة” تصل، ويزيدوا عليها بهارات ومقبلات من عندهم..؟!!!
التحريض على أصحاب الرأي أكبر فداحة من الغمز واللمز والغيبة والنميمة، بل هو السير حثيثاً نحو الاستبداد والطغيان.
تحريض السلطة التي تمتلك كل وسائل القمع والإكراه، وإغراءها على استخدامها بحق مواطن زاهد وأعزل لا يملك من الدنيا غير قلمه ورأيه تعد مأساة بالغة، وطريقاً يُعبّدونها للطغيان، أو لمزيد منه.
(2)
يجب أن تعلموا أننا لا نكتب عن كل شيء، بل ربما ما نكتبه وننشره أقل بكثير مما نخفيه؛ لأننا نعلم المساحة التي تستنفذ صبركم، ونعلم مخاطر النشر، وردود الأفعال الهائجة الناتجة عنها في مجتمع محكوم بالغلبة والأمر الواقع.
(3)
نحن نكتب بسقف متوسط أو أقل من المتوسط، وبمسؤولية أكبر وحساسية عالية، حيث نكتب وننشر في حدود ما يتأتّى لنا نشره من معلومات نحصل على بعضها بصعوبة بالغة، وبعضها لا تتأتّى لنا إلا بشق الأنفس، ومن الوارد جدا أن تمر علينا أو تدس لنا معلومة مزورة أو مزيفة تنطلي علينا، بسبب ممارسة السلطة لانتهاكات حقوقنا الدستورية والقانونية، واحتكار السلطة للمعلومة، ومنع تداولها إلا في إطار ضيق، وربما مغلق أيضا.
(4)
غياب الشفافية في أداء أجهزة السلطة ومؤسساتها، بل ومنعها في أغلب الأحيان من تداول المعلومة أو حتى تسريبها للحيلولة دون أن يعلم بها الرأي العام رغم استحقاقه لها، وللشفافية والمكاشفة..
الأخطاء هنا إن حدثت فتتحملها السلطة التي ترفض الشفافية والمكاشفة، وتعمد إلى احتكار المعلومة ومنعها على الرأي العام أو حتى على القليل من الباحثين عنها.
لماذا لا يتم اطلاعنا على المعلومة المتعلقة بما يحدث من فساد جم ومهول..؟!!
لماذا يتم منعنا من الحصول على المعلومة من مصادرها سعيا للحقيقة؟!!
لماذا يتم حجب المعلومة ومنع الحصول عليها والمتعلقة بانتهاك الحريات وحقوق الإنسان؟!!
لماذا أنتم أو بعض منكم تقترفوا الأخطاء والخطايا والفساد المهول والانتهاكات الفجة، وفي المقابل تمنعوا عنّا كشفها أو الحصول على الحقيقة والمعلومة من مصادرها..؟!!
(5)
امتناعكم عن موافاتنا بالمعلومة كجهات رسمية إنما يعني مبنى ومعنى أنكم تقترفون بحقنا جرائم نص عليها الدستور والقانون.
لماذا لا يعاقب أحدا منكم على هذه الجرائم التي يتم ارتكابها بحقنا بإمعان وتكرار..؟!!
اذا كان عضو مجلس النواب الذي يفترض أن يمثل الشعب، ويفترض أن يحصل على المعلومة بيسر وسلاسة من الجهات “الرسمية” يتم منعه منها، فما بالكم بالمواطن العادي الذي لا حول له ولا قوة، في واقع حقوقي هش ومزري أو منعدم.
(6)
أما بخصوص الرأي والتعبير فهذا حق محض لنا، بل هو من صميم حقوق أي مواطن .. والمثقف كما قال الفيلسوف الفرنسي “جان بول سارتر.” مهمته الأولى هي ازعاج السلطات والطغاة. فيما السلطة في بلادنا – هنا وهناك – تريدنا أو تريد منّا مثقفاً مسخاً ونكره، يطبِّل لها بكرة وأصيلا.
***
(7)
نريد وطن ودولة ومواطنة:
لاحظوا الفرق بين البدايات وما تم الانتهاء إليه .. في بداية الحرب كان الوفد الوطني المفاوض من طرف صنعاء في جنيف حافلا بالتنوع، فيه” الجماعة” والمؤتمر والاشتراكي، وفيهم أيضاً ناصر باقزقوز وعبدالملك الحجري وآخرين.
ثم تمت الإزاحة التدريجية من أثني عشر عضوا في الوفد، إلى عضوين فقط من الجماعة، فيما لازال المسمّى قائماً “الوفد الوطني” ثم شاهدنا الأمر لا يقل سوءا مع السفير السعودي في صنعاء، والذي كان مشهد مخزي يندى له الجبين.. هذا ليس إلا مثال واحد من ألف مثال، وهو ما يجري على قدم وساق في سلطة صنعاء كلها من رأسها إلى ساسها.
ويبقي السؤال الأهم: أين هذا الوطن الذي نتحدث عنه..؟!
بإمكانك أن تكبر أو تصغر كما تريد وكما تتعاطى مع الوطن؟! هذا الواقع الأكثر من مزري لم يقتصر على الوفد المفاوض فقط، بل أنسحب ولازال ينسحب إلى كثير من مفاصل وتفاصل السلطة والوظيفة العامة.
الإزاحات مستمرة، وفشل الشراكة ذريع، وفي المقابل نرى انكماش الجماعة كل يوم أكثر من سابقه، وعلى نحو يكشف مدى الفشل في تحويل السلطة إلى دولة، ومدى الاخفاق حتى بإبقاء ما هو صوري وديكوري في تلك السلطة المتورمة والمنبعجة بالإقصاء والإستيئثار.
في هذا الإطار يجري الإقصاء المستمر نحو احتكار السلطة من قبل قلة قليلة تدعي أنها تمثل الشعب والوطن فيما هي في جوهرها وحقيقتها تمثل القلة القليلة المشبعة بالجموح والإستيئثار والغلبة، وأتمنى أن لا يكون ما حدث ويحدث للشيخ سلطان السامعي يصب في نفس الاتجاه الممنهج، إن لم يكن هذا ما حدث ويحدث بالفعل.
ما أريد قوله في خلاصته وموجزه:
نريد وطن ودولة ومواطنة.
(8)
هل ما تم من سب وإهانة للشيخ سلطان السامعي هو بسبب رتبته العسكرية الكبيرة التي ربما أنتزعها دون رضاً منكم، أم هو امتعاضاً منها، أم بسبب عضويته بالمجلس السياسي التي ربما ترونه دونها، أو أنها لا تروق لبعضكم؟! أم لسبب آخر؟!!!
مجرد سؤال، غير أن السؤال الأهم: من له مصلحة في الإجهاز حتى على ما بقي من شراكة صورية في صنعاء، وهي شركة لم نعد نراها اليوم بالعين المجردة، بل تحتاج لنراها مجسمات ومجاهر؟!!!
(9)
انظروا هذه الفوضى والنفسية المتعطشة لتملك أموال وعقارات المواطنين بغير وجه حق.
انظروا الفوضى والعجرفة التي تستهدف ممتلكات الناس..
فلة رفيقنا هايل القاعدي..
اطماع تتهاوشها في لجة ما حدث ويحدث..
انظروا الجهات التي تقوم بالحجز:
– حجز من قبل الجهات الاعلامية
– حجز من قبل الجهات المعنية
– حجز من قبل الجهات المختصة
– محجوز مننا.
كل هذا كتبوه على جدار فلة واحدة، بخط فج ومخربش، ومن جهات مجهولة لا تحمل أدنى شعور بالمسؤولية.
من أي دستور أو قانون استمدت الجهات الإعلامية صلاحيات الحجز؟!!
هل بات من مهمة الإعلام الحجز على أملاك وعقارات المواطنين؟!!
من هي “الجهات المختصة” التي تتعامل مع أملاك المواطنين وكأنها لص مجهول لا نعرف لها صفة أو هوية؟!!
محجوز مننا؟!!
من أنت أيها المجهول؟!
جهل مطبق وفوضى عارمة وجهات مجهولة تحجز على أموال المواطنين!!!
هذا الحال السائد والمستسهل والمسترخص والمستهتر بما كدّته أعمار المواطنين المنكوبين بما هو محجوزا من قبل الجهات المعنية؟!
من هي الجهات المعنية التي أطلقتم لها العنان بحق وباطل وبصلاحيات مطلقة دون أساس من دستور وقانون!
ما ندعوكم إليه ونصحناكم ولازلنا ننصح به هو أن تتصالحوا مع شعبكم الصابر عليكم، قبل أن تتصالحوا مع من قاد التحالف في حرب ثمان سنوات طوال على اليمن، لعل ربكم يغفر لكم بعض ذنوبكم التي لا تُغتفر، بحق مواطنيكم الذي مسّهم الضر وفداحة الضرر..
كفوا عن اعتبار المواطنين مجرد رعايا، وارفعوا أيديكم عن أملاكهم التي تعتبرونها غنيمة حرب.
لقد اقترفتم بحق شعبكم من الحماقات والأطماع والتملك ما لا يطاق ولا يُحتمل.
***
أعجبني القاضي عمر الهمداني الذي علق على منشور صديقنا هايل القاعدي بصدد ما استحال عليه من لقاء بالحارس القضائي لسؤاله وشرح مظلمته ووجعه بالقول:
قال تعالى لموسى عليه السلام : {اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } فذهب اليه : {وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ}
طيب اتخيلوا كان الله سبحانه وتعالى قال لسيدنا موسى عليه السلام ( اذهب الى صالح دبيش) ويجلس عام كامل يبحث عليه وما يقدر يلقاه كما هو حال الأخ هايل القاعدي ويرجع سيدنا موسى عليه السلام يدور عليه بالفيسبوك!
أقل شيء عاد فرعون كان واحد يقدر يلقاه .. ما اصحابنا ما عاد تقدر تلقاهم.. اتقوا الله يا رجال واقربوا من الناس أقل شيء مثل فرعون.
(10)
اذا أدى التاجر الزكاة المقررة عليه للسلطة القائمة رضا أو عنوة..!!
هل يجب منعه إن أراد التصدق للفقراء والمساكين والمعدمين من حر ماله؟!
اخبرونا يا أهل الحل والعقد، ويا مفتي ديار هذا العهد الثقيل بفقره، ويامن تمنعون عن الفقراء والمساكين الصدقة، ومعها صدقة إغاثة المعدمين الذين لا تصل إليهم ما تم دفعه من زكاة!!!
ارحموا أو دعوا رحمة ربنا تنزل، ولا تجمعوا على الفقراء عسرين، وهو ما لم يفعله أحد من قبل ومن بعد!!!
(11)
عندما تكرس السلطة العصبوية في المجتمع، وتتعاطى معه بتمييز عصبوي أو عنصري لاسيما مع حقوق المواطنين وحرياتهم، وتستأثر بالثروة والوظيفة العامة دون الشعب، بل وتذهب إلى انتعال مبدأ المواطنة والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق، فإنها تكون قد عملت على حفر قبرها بنفسها؛ وتكون تلك الأسباب أهم أسباب زوالها. ولنا في التاريخ ألف شاهد ومثال لمن يريد أن يتعظ..
(12)
عندما تمارس السلطة عصبوية ما؛ فإنها تثير كل العصبويات المقابلة ضدها..
وإذا كانت مدخلات السلطة عصبوية؛ فإن مخرجاتها لن تكون إلا عصبوية مضاعفة تثير كل العصبويات في وجهها.
نحن نريد دولة ومواطنة وحقوق لا تنتقص منها تلك العصبويات المتضاده.
لن يستقر وطناً طالما تلك العصبويات يتم تكريسها واستثارتها وإنتاجها من قبل السلطة التي تتحمل الوزر الأول إلى ما تؤول إليه من نتائج كارثية على الحاضر والمستقبل.
(13)
ما يحصل اليوم في السودان، سبق أن حدث في بلادنا التي انقسمت يوماً، وظل صدعها إلى اليوم يكبر ويتسع، وازدادت مع السنين تصدعاً وانقساماً وتباعداً.
والاحتمال الوارد أن يتكرر المشهد بصيغة أو أخرى مرة ثانية وثالثة في بلادنا عندما يحين أول استحقاق ليكون لبلادنا جيشاً موحداً، بل لن يسمح أصحاب المشاريع الصغيرة في الداخل والخارج أن يكون لدينا جيشاً واحداً موحداً قوياً بعقيدة قتالية وطنية.
وسنلدغ من الجحر مرتين وأكثر.
ما نصنعه اليوم من ترحيل للقضايا الأهم تحت مسمى “سلام” لن ينجينا من مهول ينتظرنا، وتفخيخاً لمستقبل في مدى ربما لن يطول.
من فرضوا الواقع الذي نعيشه اليوم غير مؤهلين لصنع مستقبل لا لليمن ولا للسلام.
كل منهم يبحث عن مستقبله وحده، بأي كلفة حتى وإن كانت كلفة وطن يتم هدمه للمرة الرابعة.
(14)
كل يوم يتم قتلنا في مديريات محافظة صعده بقصف مدفعي سعودي.
لا يفوت يوماً إلا ويسفك ويستباح هناك دم شعبنا المنكوب!!!
مئات القتلى والجرحى في ظل هدن معلنة وغير معلنة.
أين هذه الهدن وأين السلام الذي تتحدثون عنه فيما نزيفنا مستمر إلى اليوم؟!
أنا لا أرى إلا إذعاناً وتزلفاً ومهادنة ونصراً لازال زائف.
“يوم الله تعرف من صبحه”.
ما هو إنساني كان يفترض أنه قد نجز قبل عام لا بعد عام.
نحن لا نطالب بالحرب ولكننا نطالب بوقف العدوان ونرفض الاحتلال ونبحث عن سلام دائم وممكن ويليق.. نحن مطالبون أن نعي ما حدث.. نحن نطالب بسيادة واستقلال ووحدة وجبر الضرر وغيرها من مطالب شعبنا التي يجب أن لا نتنازل عنها لصالح مشروع صغير.
(15)
يستسهلون كيدنا ويتهموننا بهتانا وباطلاً بكل كبيرة وجريرة.
لهذا نحن لم نعد نصدقهم، ولا نصدق ما يطلقونه على غيرنا من كيد وافتراء لتبرير انتهاكاتهم الفظيعة.
لم نعد نصدّق ما ينسبون للناس من تهم وفجور وزور.
ظلت مصداقيتهم تتأكل على نحو مستمر حتى أتسع الخرق على الراقع، واليوم وصل ما بقي لديهم من مصداقية حد التلاشي والعدم.
الكيد السياسي والإرهاب الفكري الذي مارس طغيانه خلال مدى غير قصيرة بلغ بما بقي لهم من مصداقية إلى حد الفقدان، والاستهلاك لما بقي من رصيد، حتى بتنا نتعامل معه كهذيان متعري من ا. ب المصداقية.
عبث وابتذال وتلفيق ووشايات بدوافع شخصية أو انتهازية أو أسباب سياسية لاشك أنه طال كثير من الضحايا المظلومين.
نحتاج إلى فتح ملف هؤلاء الضحايا لمن طالهم هكذا تلفيق وكيد وافتراء غشوم.
هذا العبث يحتاج إلى مزيد من الكشف والعري؛ لنعري من خلاله من ثقلت أيديهم وأقلامهم بالفجور والجرائم والكيد السياسي المتعري من كل اخلاق وإنسانية.
(16)
ما تعرض له الشيخ سلطان السامعي لم يكن مقتصراً عليه.
كثيرون هم من يتعرضون للمنع أو التضييق والاستفزاز.
ولكن الفارق أن الشيخ سلطان كتب بجرأة عن بعض ما تعرض له، فيما الآخرون أحجموا ويحجمون عن نشر ما يتعرضون له من إهانات ودونية وانتقاص حقوق.
(17)
“وفاة الملك سلمان”
تصحيح:
مات شعبنا ولازال يموت كل يوم
ولم يمت الملك سلمان.
لم نحج ولم نعتمر بالبنادق..
لم نستعد شيئاَ مما توهمناة.. لا القدس ولا مكة..
لا نجران ولا جيزان ولا عسير..
بل يبدو حتى هذا الخمس الذي بيدنا لن نحافظ عليه.. وما يحدث فيه من فجاجة وخطايا شاهدا عليه.
لم نستعد شيئاً مما جرى إحتلاله.
بقي خمس اليمن، وذهبت أربعة أخماسها بثرواتها وشعبها وبرها وبحرها وجزرها.
الهزيمة منكره..
والحقيقة مرَّة ومقذعة..!
ولا أسوأ منها إلا الإدعاء أننا أنتصرنا.
حتى سلام المهزوم لم نحصل عليه بعد.
تم رفع التوقعات كثيراً ولذلك من المنطقي أن يكون السقوط والإرتطام في الأرض الصلدة شديدا..
هزمنا أنفسنا ولم نهزم أمريكا وإسرائيل..
ويبقى السؤال الأهم:
من يجمع كل هذا الحطام والنثار المتطاير، ويعيد للوطن وجوده ومجده؟؟؟
***