كلمة النائب في حفل الاشتراكي بصنعاء بمناسبة اعياد الثورة وذكرى تأسيس الحزب
برلماني يمني
كلمة النائب أحمد سيف حاشد في حفل اقامته منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بأمانة العاصمة والقطاع الطلابي للحزب احتفاء بالذكرى ال٦٠ لثورة 26 سبتمبر والذكرى 59 لثورة 14 أكتوبر والذكرى 44 لتأسيس الحزب
ايها الحضور الأبي النابض بالضوء، والمنبجس بالمحبة، والعامر بالعزة والصمود والكرامة..
اعبق التحايا والتهاني لكم ولنا جميعا بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين عاما لانطلاقة ثورة ١٤ اكتوبر المجيدة والذكرى الرابعة والأربعين لميلاد الحزب الاشتراكي اليمني.
الثورة هزمت المستحيل، وطردت المحتل، وعشقت التحرر والاستقلال والمستقبل.
والحزب استطاع اجتراح ما هو عصي وبعيد.. قضاء على الثأر، وحقق المواطنة، والمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق إلى أبعد مدى، وشرّع القوانين الضامنة والصارمة، وحقق الكثير فيما يخص العدالة الاجتماعية، من التعليم المجاني، إلى العلاج المجاني، إلى دعم المواد والسلع الضرورية، من لقمة العيش، إلى دعم حليب ومستلزمات الأطفال، ودعم المشتقات النفطية، بل وأيضا دعم الكتاب، ودعم الثقافة، وغير ذلك مما لا يتسع المقام هنا لبسطه وذكره.
ويبقى السؤال الكبير هنا: هل يوجد حزب كهذا، ليس في اليمن، بل في المنطقة العربية من خليجها إلى محيطها، وأكثر منه أن يوجد هذا وسط محيط ظلامي أشد تخلفاً ورجعية على مستوى العالم اجمع.
ثورة حاملها الأول الجبهة القومية، ثم الحزب الاشتراكي اليمني اللذان وحدا أكثر من 21 إمارة وسلطنة ومشيخة في كيان جمهوري ثوري، صار ملاذا وانطلاقة لكثير من حركات التحرر العربية والعالمية، وأعادا للشعب وللتاريخ اليمني اعتباره ومجده وزهوه، في لحظة تاريخية فارقة.
ثورة 26 سبتمبر و 14 أكتوبر ثورتان مجيدتان، وجدليتهما تحاكيانها نضالات الحركة الوطنية اليمنية في الشمال والجنوب على امتداد تاريخها الطويل.
الحزب الاشتراكي اليمني هو مدرسة، ومنهج، وقيمة نضالية، وتاريخ حافل، انتميت إليه، ونهلتُ منه، وامتلأتُ فرحة ومسرة بكل انتصار يحرزه لمصلحة الوطن، وتوعكت معه في كل انكسار وألم.. كيفما كان الحزب أجد نفسي بعض منه.. أسكنه ويسكنني.. أعيش حميمية الرفاق وعظمتهم، كما أعيش أحوال الحزب كيفما كانت، متمنياً نهوضه، واستعادة دوره وألقه المزدهر.
الحزب الذي أنحاز إلى الفقراء والكادحين والمعدمين، ومثّل مصالحهم، وعف يده ويقينه عن الفساد، ورحل قادته الأفذاذ غارقين في ديونهم.
هذا الحزب تربيت وتعلمت وعشت في كنفه، وبين صفوفه، وفي أوساط الرفاق الكبار، في ظل عدالة اجتماعية كانت على أكثر من وجهٍ ومستوىٍ وصعيد، مما نفتقره اليوم ونتمناه في هذه الحقبة المتفجرة والمتصحرة والمكتظة بالظلام.. وكل ما تحقق في الماضي، وبأسف منتحر بات “أثراً بعد عين”.
أتسأل اليوم دون أن افلُّ املاً ولا أقطع رجاء، ولا أوأدوا حلماً، ونحن نعيش واقع متخلف وثقيل، بل وردّة حضارية صادمة وعارمة.. هل نعيد ما أنقطع أو نستعيد ما تم وأده..؟!
اليوم يجري فرض مخرجات حرب بشعة طال مداها سبع سنوات طوال، وهي مخرجات خطرة لا تقود إلى المستقبل، بل تقود إلى وأده، ومصادرة أحلامنا العراض، بعد إخفاق مدوي، وصبر نفد.
اليوم شعبنا يعاني من تكريس تمزيق مخيف للنسيج الاجتماعي، وكراهية تم ضخها بحرب سبع سنوات طوال، ومصالح وطن باتت غائبة في ظل حضور مصالح وأجندات وأطماع دولية واستعمارية متنافسة.. جميعهم حاضرون إلا الوطن ومصالحه الكبرى هو الغائب الوحيد والمستمر في هذا الغياب إلى اليوم.
مال النفط الذي في الأمس اراد وأدنا، هو نفسه مال النفط الذي بات يكرس مزيدا من الانقسام والتشظي والتمزيق، ويضخ مزيداً من الكراهية المتفجرة بكل وجوهها قبحا ودمامة وتعسفا، ونعرات مستثارة.. حال كهذا لن يخرجنا مما نحن فيه، بقدر ما يضاعفه ويكرسه ويرسخه، ويعمد الى تحويل الممكن الذي نراهن ونعقد الأمل عليه، إلى متعذر ومستحيل.
ما أجهض الأمنيات في الماضي ليست الجغرافيا، ولكن السلطات التي تعاقبات على الحكم, وفشلها في إدارته، وتخلف التعليم، والإبقاء على تخلفه، وهشاشة النخب عامة، وفشل النخب السياسية على وجه التحديد، التي خذلت شعبها وارتهنت، وقدمت في أولوياتها مصالح أفراد في قيادتها، على استحقاق أحزابها، بل وأكثر، على استحقاقات شعبها ووطنها.
ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى هو الانتصار على كل العصبويات الصغيرة التي تعيث في الأرض فسادا وخرابا، وتتسيد المشهد لتنقض على المستقبل الذي نبحث عنه.. مستقبل شعبنا جنوبا وشمالا.. شرقا وغربا.
المستقبل الذي نبحث عنه يتجاوز كل العصبويات الجهوية والطائفية والمناطقية والفئوية التي باتت تستهدف الوطن من أقصاه إلى أدناه، ومن شماله إلى جنوبه.. اليوم يجري استهداف الوطن في جغرافيته ومستقبله إنسانا وتاريخاً وثروة ووحدة وسيادة وسلامة أراضيه.
لا يمكن أن نجد المستقبل الذي نبحث عنه بعيدا عن استعادة الجمهورية والوحدة وأهداف الثورتين سبتمبر وأكتوبر.. لا يمكن أن نجد المستقبل بعيدا عن المواطنة والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.. لا يمكن أن نجد المستقبل بعيدا عن اللامركزية والحكم المحلي واسع أو كامل الصلاحيات.. المستقبل الذي نبحث عنه لن يكون بعيدا عن تقديم مصالح اليمن الكبرى على كل مصالح الجماعات والعصبويات الصغيرة، وعصبويات ما قبل الدولة.. لن نقبل بمستقبل ينتقص من السيادة والاستقلال وسلامة أراضي اليمن.
كلفة تحقيق ذلك المستقبل أقل وأيسر من كل ما هو مطروح ومجهول، وأكثر منه مضمونا وغير ملغوم، وما أسهل أن يكون لكل هذا خارطة طريق تقودنا للمستقبل الذي نروم.. المستقبل الذي لطالما بحثنا عنه ولازلنا نبحث عنه إلى اليوم، وحاولت القوى الظلامية والمعادية لشعبنا قطعه و وأده..
إن الحلول يسيرة وآمنة إن وجدنا الإرادة السياسية الحية والباحثة عن المستقبل بمخاطر أقل يتم فيها تفادى احتمالات التشظي والتمزيق وبمخاوف وكلفة أقل على ما عداها.
النصر لليمن الواحد
والمجد للثورتين 26 سبتمبر و14 أكتوبر
الخلود للشهداء الأفذاذ والميامين
***
صنعاء
13 اكتوبر 2022