حقوق وحريات
يحرضون علينا في المساجد .. أحمد سيف حاشد
يحرضون علينا في المساجد
أحمد سيف حاشد
يمني برلماني:
خُطب الجمعة في بيوت الله باتت تستهدفنا تلميحا وتصريحا، بل وفي بعضها يتم ذكر اسماءنا والتحريض ضدنا وعلى نحو صارخ وفج، وسط ذهول واستغراب سامعيها.. ماذا دهى ولاتنا؟! وإلى أين يريدون الذهاب بنا؟! وبشعبهم المثقل بالحديد والنار والجوع؟!!
لا مجال للقول إن ما حدث ضدنا من تحريض عريض هي تصرفات فردية، ونحن نعلم إن التوجهات العامة لخُطب الجمعة تأتي مركزية من سلطة يفترض أنها ترعي حقوقنا لا أن تحرّض علينا العوام في المساجد، وذبابها في وسائل التواصل الاجتماعي، وإعلامها في الفضاء العام؛ لمجرد حرصنا على ما بقي لنا من قوت وحقوق..
تركتم المعاناة تثقل كواهل مواطنينا دون حسيب أو رقيب.. تجهمتم في وجوهنا، واطلقتم للفساد العنان، أطلقتم حبال الجرع والجبايات على غواربها، وتركتكم الفاسدون يتغوّلون على بقايانا.. يلاحقونها في كل كنف وملاذ، ويجهدوننا بكل ثقيل ومُنهك.. بات الفساد المهول متحدِّيا في وجوهنا، وأنتم من تحمونه وترعونه رعاية الأم والأب والرب..
نحن لم ندعوا يوما إلى عنف أو حرب أو حمل السلاح ضدكم، ولكننا دعوناكم فقط إلى وقف الفساد الذي ساد، والنهب الذي فحش.. دعوناكم إلى التعامل بمسؤولية مع هموم شعبكم، والتخفيف من معاناته التي باتت تتضاعف في أوقات قصيرة، وغير متباعدة على وجه العموم.. قلنا لكم فقط أوقفوا الفساد “المبهرر” الذي لطالما تحدّانا وأقتات ما بقي من أقواتنا وحقوقنا..
لماذا تقلقون منّا وأنتم الأعلم بنا؟! فقط ارتقوا قليلا ولا تعاملوا شعبنا بمثل “جوع كلبك يتبعك”.. لا تقلقوا منّا فنحن لنا من النبل اخلاق فرسان.. لا تقلقوا من مدني أو ناشط حقوقي ينافح من أجل الحقوق والعدالة.. فهو بقدر ما هو اليوم ضدكم من أجل حقوق الناس، ستجدونه غدا أيضا يذود عن العدالة وينافح من أجلها، ويدافع عن حقوقكم عندما تمتطي الهزيمة ظهوركم، وتُهدر حقوقكم من قبل المنتصر.. عندما يدور الزمان ويكمل دورته ويقول فيكم كلمة التي لا تُرد..
نحن فقط نذكركم بقوانينه ومواعظه.. خلاصة حكمة لمتعظ يتعظ .. ليس هناك من يستطيع سحق الزمان وتبديل قوانين المجتمع.. للتاريخ عبره وحقائقه، ومن لا يتعظ يُهزم وينتكس وينسحق.. أول الحقائق والمواعظ تلك “دوام الحال من المحال” مرورا بـ “لا مهزوم يفنا ولا منتصر ضامن بقاه” وليس آخرها “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”.
لا تقلقوا منّا؛ فنحن لا نحقد ولا نعظ ولا نثأر ولا ننتقم ولا ننكر حق ولا نجحد جميل.. فلماذا ترموننا بما ليس فينا، وتألبوا علينا دهمائكم والعوام ؟! تحرضون علينا المجتمع من مساجد كانت يوما تفعل وتلحق بكم ما تفعلوه اليوم بنا؟! العهد قريب، ولم يتقادم عليه الزمان بعد، فأي نسيان هذا الذي أصابكم بمقتل ومكين.. لازلت أعيش الحال الذي عشته، ولم يتغير الحال إلا لأسوئه..
اليوم ومن أعلى المآذن يرموننا بباطل وبهتان، وينسبون لنا التهم الثقال.. يعلنون أسمائنا ويغررون علينا العوام.. يعلنون علينا الجور العظيم والتهم الكذوبة بأننا مرجفين ونساند العدوان.. ومنهم من هدد وتوعد بالدم والموت، غير مدرك إننا ضحايا عهد جاء بأعفنه.. ضحايا تغرير وتاريخ أرادوا أن يعيدوه من أوله.. نحن نقاوم ونستميت في وجه فساد مهول. ولا نساند غير بقايا قوتنا الذي بات يُنهب بصلف وجُرأة..
أنا والنائب عبده بشر والقاضي عبد الوهاب قطران يرموننا بكل فرية ومزعوم أوّله إن لنا في المقام حصانة تحمي الحمى.. يا كذبة إبريل والشهور كلها.. نحن ننزف كل يوم وندفع ما بهظ.. حصانة “صبرت صبر الحجر في مدرب السيل وأعظم” ما أشبهنا بهذه الحجر ما أشبه صبرنا والحصانة بها.. حصانة لا حامي لها ولا فيها حمى.. يا لباطل لا يخجل ولا يستحي..
قطران اعتقلتموه وحبستموه وأرغمتموه على تأدية التمرين التاسع، وأنا ركلتموني بأقدامكم وضربتموني بأعقاب البنادق، وكل يوم يأتي أشد علينا من وجه قاطع طريق، كل هذا حدث لأننا احتجينا فقط، وأعلنّا انحيازنا لحقوق ورواتب الناس..
فيما زميلنا عبده بشر اراد اختبار الصبر والمنافسة، أغلقتم بوجوهنا البرلمان كله، وهددتموه بالقتل، وأرغمتموه على الاستقالة؛ واردتم قلب الطاوله في وجه الجميع..
لا نمن ولكن فقط نذكركم بحق الحصانة المستباحة طولا وعرضا، والأهم أنكم لازلتم كل يوم تستبيحوننا وتستبيحون حقوقنا وكل حصانة تزعمونها، ثم تمنون علينا بها وإنها حامي الحما.. تريدون اذلالنا واخضاعنا، وتقطعون من فاهنا وأفواه الجياع لقمة عيش البقاء على قيد الحياة..
وليتم علينا التافهين والفاسدين، وساد الفساد في عهدكم على نحو غير مسبوق.. رعيتموه ودعمتموه ولازلتم تدعموه بإصرار وإمعان.. اليوم الشعب يجوع ويموت مجاعة، ولا نطلب منكم غير الحد الأدنى من احترامنا كبشر، والتعاطي مع أقواتنا ولقمة عيشنا وعيش شعبنا بمسؤولية..