من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل

برلماني يمني
أحمد سيف حاشد
“هولدا” ناشطة ومهتمة بقضايا حقوق الإنسان والحريات الدينية، درست في إحدى الجامعات الصينية في “هونج كونج”.. تستخدم منصاتها للتوعية بقضايا الاضطهاد ودعم المتضررين.. لا أعرف عنها أكثر من هذه المعلومة.
تواصلت بي عبر رسالة قصيرة عبر التلفون.. لم اتفاعل كما يجب مع رسالتها الأولى.. أبلغت صديقي يبلغها أن الأولوية بالنسبة لي للعلاج والتشافي، ثم انقطعنا عن التواصل لفترة أسابيع قليلة.
كانت الصحة لدي أهم .. أنتظرت أكثر من شهر وعشرين يوما حتى أستطيع أزور الطبيب، ثم تلتها مواعيد وفحوصات وعلاج لبعض ما أشكوا منه وترحيل البقية إلى أجل لم يتم تحديده.
العلاج والرعاية هنا لإنسان قليل الحيلة يبدأ بعيادة خارجية وينتهي بعلم الغيب.. بين العيادة والمستشفى مواعيد كثيره ووقت يطول ويلزمك كثير من الصبر والانتظار فيما الحيل مهدود والحال لا يقوى على الصبر.. فجوة لا أقوى على ردمها؛ ولذلك قررت المشاركة في المؤتمر لعلي أجد خيارا آخر أو فرصة عمل تعينني على ضيق يزيد وصبر ينفد.
كانت الموافقة لا تخلوا من جرأة، لأنني لو حسبتها بتهيب ودقة لما شاركت، ولما حاولت البحث عن خيار يخفف عني ما أنا فيه.. كانت مشاركة أشبه بسفر بلا زاد ولا ماء.. سفر بيوم ماطر في طريق زلقة وجو منخفض الرؤية مع توجس واحتمالات ومحاذير.
التحديات جمة.. اللغة والمترجم وضيق اليد والشعور بالغربة في بلاد أول مرة أرتادها، وصعوبة الذهاب والإياب وتفاصيل أخرى أي خطأ فيها ربما تؤدي إلى مزيد من التيه والفقدان، والندم بسبب فوات المواعيد.
تخيلت جرأتي بالموافقة أشبه بقصة ذلك الصومالي الطيب الذي أدعى تحت وطأة حاجته للعمل أنه يعرف كل مهرة وصنعة، وكلما طلبوا منه فعل شيء قال لهم بعبارة مكسرة “أنت مرة واحد أنا أعرف”. لقد جمعت شجاعتي ومضيت فيما أنتويت عليه، ولا بأس من الاستعانة بصديق للتغلب على التحديات التي تحول دون الوصول.
***
بدأت أبحث في تلفوني عن هاتف تلفون الدكتور طارق العامري يحمل الجنسية الأمريكية وهو ابن عضو مجلس نواب سابق في اليمن.. كانت ما تزال صداقتنا محدودة وحديثة عهد، غير أن ما شجعني على الاتصال به وطلب المساعدة منه أنه سبق وأن عرض علي المساعدة إذا أحتجت إلى طلب اللجوء السياسي في أمريكا.. قلت لنفسي لا أريد اللجوء ولكن سأجربه لعله يقدم لي المساعدة فيما هو أخف وهي مرافقتي ومساعدتي، والمشاركة معي في المؤتمر.
تواصلت به تلفونيا إلا أنه أجابني أنه مشغول، ولكن سيبحث عمن يتولى المهمة بدلا عنه؛ وبعد ساعة أفادني أن عمر السعدي يقيم في “منهاتن” وهو رجل أعمال ويحمل أيضا الجنسية الأمريكية، وسوف يرافقني للترجمة وينظم معي في المؤتمر لاسيما وأن الدعوة تتيح له ذلك.. أسعدني الخبر؛ وزاد عليه أن أي مصاريف ربما أحتاجها سوف يتولي تغطيتها.. سعدت بذلك ولكن أبلغته أنني احتاجه في السفر والمساعدة فقط أما المصاريف فلا أحتاجها.
تم التواصل والتنسيق مع “هولدا” وهي أحد منظمي المؤتمر، وتمكنا من خلالها تجاوز بعض العقبات والتفاصيل الصغيرة حتى وصلنا واشنطن وحضورنا إلى قاعة المؤتمر..
أحسست بحفاوة “هولدا”.. أحسست بلطفها ورقتها واهتمامها طيلة مدة إنعقاد المؤتمر.. كان لديها كاريزما جاذبة وحيوية لافتة.. كانت جميلة غير أن روحها كانت أجمل.. أسعدتني كثيرا وهي تحاول تتحدث معي ببعض الجمل العربية.
في أول استراحة في أروقة المؤتمر عرفتني بإمرأة أخرى مشاركة بالمؤتمر اسمها فيرناندا سان مارتن.. كان تعريفها مقتضب للغاية ولكن عرفت لاحقا أنها شخصية بارزة في مجال حقوق الإنسان وتعمل مديرة الهيئة الدولية للبرلمانيين من أجل حرية الدين و المعتقد.. عضوة سابقة في البرلمان البوليفي.. أستاذة قانون وخبيرة في صياغة التشريعات ومحامية وسياسية سابقة تنشط في مجال تعزيز حقوق الإنسان من خلال عملها مع البرلمانيين والمنظمات الدولية.
وفي سياق تعريفها المقتضب بنفسها عرفتني أن لديها مؤسسة يعمل بها أكثر من 400 موظف يعملون في مختلف دول العالم وعرضت علي العمل في تلك المؤسسة.. تفاجأت بالعرض وأجبتها على الفور بالموافقة المبدئية “بكل سرور”.. كانت السعادة تغمرني بشلال من الفرح رغم أني لا أعرف كثير من التفاصيل التي يمكنها أن تغير الموقف والحال.