تغاريد غير مشفرة

تغاريد غير مشفرة .. يسيسون القضايا ثم يتهمونك بالتسيس

برلماني يمني

أحمد سيف حاشد

(1)

إلى ساسة السلطة التي تتهمنا إننا نسيس القضايا ونثير الفتن:

نحن لا نسيس القضايا كما يزعمون، بل نتمسك بالقانون، وننحاز إلى المظلومين من منظور حقوقي محض، في وجه إساءة استخدم السلطة، واستغلال الوظيفة العامة، والانحراف بها عن أهدافها، واستخدام السياسة غطاء ومبرر للسلطة لانتهاك القانون، واستباحة أحكام القضاء وازدراءها، واستباحة حقوق المواطنين بقوة السلطة التي تتحول من خلال تلك الأفعال إلى عصابات ومافيات تمارس الاستقواء بالسلطة واستخدامها للإثراء غير المشروع على حساب مواطنيها، لصالح زعماءها والفاسدين فيها.

(2)

العصابات والمافيات باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى تستقوي بالسلطة وتستخدمها في قمع مواطنيها أصحاب الحقوق، وتستخدم التهم السياسة المستهلكة كرباج ضدهم، وضد من يتصدى لها من الناشطين وأصحاب الراي، وتقذفهم بتهم مستهلكة مثل مساندة العدوان وإثارة الفتن وتسيس قضايا المجتمع، فيما هي في الحقيقة مصدرها وأسبابها لينطبق عليها المثل العربي: رمتني بداءها وأنسلت”

(3)

صدق صديقي حالما قال في استنتاجه:

“حولوا الحبس إلى ضمانة لأخذ الحقوق والتنازل عنها”

حبسوا أهالي “عرة همدان”، ولم يفرجوا عنهم ألا بعد تنفيذ يمين المحافظ؟ فيما نجدها قد وفرت كل الحماية لمن قاموا بانتهاك حقوق المواطن.
ثم يبدو الأمر للمواطن وكأن السلطة قد تجملت معه كونها أفرجت عنه.. فيما هي في الحقيقة تعسفته وارتكبت عدد من الجرائم بحقه، وتم إسقاط حقوق المواطن التي ترتبت جراء اعتداءات وانتهاكات السلطة.

هكذا السلطة تمارس قمعها على المواطن وتستمر في إذلاله، فيما أجهزة العدالة لا تستطيع تنفيذ أوامرها على أجهزة السلطة التنفيذية، أو إنها تتواطأ مع هذا القمع والإذلال.

هذا بعض ما يحدث كثيرا هنا وهناك.. سياسة ممنهجة للاستيلاء على الأراضي والحقوق..

(4)

طلبنا منهم إيقاف الانتهاكات ضد أبنا “عرة همدان” فشرعنوها
هذا ما يحدث..
سلطة تزدري القضاء وتشرعن يمين المحافظ

(5)

الدستور يقول على المتضرر أن يلجأ إلى القضاء والقانون يقول الحيازة قرينة الملك.
ماذا تفعل السلطة والعصابات المستقوية بها.
تذهب لتسور الأرض ليلا كما يفعل اللصوص فتسلب منك الحيازة.

وبدلا من أن تذهب هي إلى القضاء باعتبارها متضرر، تستخدم سلطتها وتحول نفسها إلى حائز ومستملك.

(6)

وعندما يصدر الحكم ضدها لصالح المواطنين، ويذهب المواطنين للاحتفاء وهدم السور لا تلجأ السلطة إلى القضاء الذي بين يديه القضية أو الملف رغم أنه هو المعني بهذا لا سواه، بل تذهب السلطة وعصاباتها لممارسة القمع والإكراه من خلال أجهزتها بعيدة عن سلطة القضاء، فيما القضاء وفق القانون هو المخول والمختص.

(7)

وأكثر منه عندما يلجأ المواطنون إلى القضاء ويلوذون به ضد ما تمارسه السلطة التنفيذية في المحافظة من قمع واعتداء وإكراه وما ترتكبه في حقهم تلك السلطة من جرائم، لا يستجيبون للقضاء، ولا لأوامره، بل ويستمرون في ارتكاب جرائم جديده ضد المواطنين الباحثين عن عدالة، وما لم ينتزعوه بالقضاء انتزعوه بيمين المحافظ الذي يستقوي عليهم بسلطته المدعومة بسلطة صنعاء، فيما يزدري القضاء، وينتزع منه صلاحيته وسلطته.

(8)

صحيح أن يمين طلاق المحافظ أنتصر على المواطنين وحقوقهم، وانتصر قبل ذلك على القضاء، ولكن قبل هذا وذاك أنتصر على ادعاء السلطة إنها عادله، وإنها ترعي مصالح الناس وشؤونهم وحقوق مواطنيها، وأظهر هذه السلطة إنها أقرب إلى العصابة منها إلى غيرها.

وسوف يستمر القبح والدمامة يشوه ما بقي لديها من ادعاء حتى يتسلخ وجهها وجلدها، ويسقط زيفها وكل ما تدعيه..

إنه مجرد انتصار إلى حين مدعوم بالغلبة المتوحشة .. ويمكن للمواطنين أن يقاضون السلطة ويدعون الإكراه فيما نتج عنه وترتب للغير بناء عليه، بالإضافة إلى حقهم فيما ارتكب من جرائم اعتداء وتنكيل وإكراه.

(9)

الخرافة يهدمها رفع مستوى الوعي والتعليم والثقافة..
أما هذا ضريح مات صاحبه قبل مئات السنين فهو اعتداء على التاريخ وعلى الثقافة..
أنت عاجز عن الأولى

وفي الثانية تنفذ أجندات دول غيرك لا تفعل ما تفعله في بلدانها.
الخرافة أنت بعض منها.

(10)

سوروها ليلا مثل اللصوص، ليصيروا بقدرة ونفوذ السلطة حائزين ومستملكين ابتداء، مستقوين بأجهزة السلطة التنفيذية في المحافظة، ودعم سلطة صنعاء، وعندما لجاء المواطنون إلى القضاء، وصبروا وصابروا حتى خرج الحكم لصالحهم، وفرح المواطنين وابتهجوا وهدموا سور اللصوص الذي كانوا قد شرعوا في بنائه ليلا.

تعسفت ضدهم السلطة ومارست ضدهم كل وسائل القهر والإكراه، وأفرطت في استخدامها القوة، ما حمل المواطنين اللجوء للنيابة، ووجهت النيابة بإحالتهم إليها، غير أن أصحاب الباطل اوغلوا في ممارسة الإكراه بعيدا عن القضاء، لأن المحافظ حلف يمين بسبعين طلاق، وهو يمين يبدو أنه مسنودا بسلطة صنعاء، لينتعل هذا اليمين القضاء وأحكامه وقراراته، ويستمر في إكراه المواطنين على قبول ما أملاه الإكراه المدعوم بيمين طلاق المحافظ، الذي انتصر على القضاء والقانون وأصحاب الحق.

والأكيد أنه انتصار إلى حين لأن سلطة الغلبة لا تدوم.

(11)

شكوى تم تقديمها من قبل أهالي “عرة همدان” إلى رئيس النيابة ووكيل النيابة، الذين وجهوا بدورهم بإرسال المحابيس إلى النيابة، غير أن الامن رفض ارسال المحابيس للنيابة، وأكثر من هذا كانوا يريدوا يحبسوا المحامي الذي اخذ المذكرة للأمن.

(12)

ما حدث من انتهاكات حقوقية في “عرة همدان: لم يعرِّ فقط سلطة صنعاء ومحافظها الذي حلف سبعين طلاق، بل وعرى أيضا المنظمات الحقوقية في صنعاء، ومعها بعض النشطاء المحسوبين على الحقوقيين والمثقفين.

(13)

“مررنا عبر أجواء تركيا، وطن المناضل ناظم حكمت، الكاتب المسرحي والروائي والشاعر العظيم الذي سُجن قرابة 17 عاماً، ونفي من وطنه حتى الموت بسبب نضاله وشعره الإنساني الجميل وانحيازه للفقراء والمقهورين من أبناء شعبه.. الشاعر الذي مات سجانوه، وعاشت أشعاره وقصائده وأناشيده.

ناظم حكمت الذي مات ولم يمت أمله، وهو القائل: “أجمل الأيام، تلك التي لم نعشها بعد.. أجمل الأطفال، هم الذين لم يولدوا بعد.. أجمل القصائد، تلك التي لم أكتبها بعد. ” ناظم حكمت الذي تمرد على بؤس منفاه، كما ثار وتمرد على ظلم وبؤس وطنه.

تلك الأيام التي لم تأتِ بعد، أو لم يدركها ناظم، وربما لم يدركها الكثيرون غيره، ننتظرها طويلا، وهي على بعد طويل منّا، أو نستعجل مجيئها المتأخر، خوفاً من أن تدركنا شيخوخة القلب، وهو ما عبرعنها نزار قباني بقوله: “أيتها اللحظات السعيدة التي لم تاتِ بعد، هل لك أن تسلكي دربا مختصراً، قبل أن تشيخ قلوبنا”

من كتابي قيد الإعداد “ابن الدباغ”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى